للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استغلال الاستعمار الدول النامية في سياسته النقدية:

وقد استغل الإنجليز لصالح اقتصادهم، كل الموارد الموجودة في الهند، ولم يكتف بذلك، بل ربط نقودها بنقودهم، حيث كان النقد الهندي مرتبطاً بالجنيه الاسترليني، وهو مرتبط بقاعدة الذهب، وهذا يعني توافر الغطاء الذهبي المطلوب للعملة الهندية في البنوك البريطانية، وهذا النظام يسمى بنظام الحوالات المصرفية الذهبية، وطبق لأول مرة عام ١٨٦٣ في الهند (حيث كانت مستعمرة للإنجليز) ، ثم نادى به الخبراء الإنجليز في مؤتمر جنوة عام ١٩٢٢، وأخذت به الدول الفقيرة في أوربا الوسطى، والشرقية، والمستعمرات في آسيا وإفريقيا، حيث ربطت عملاتها بأوراق أجنبية مضمونة بالذهب، مثل الجنيه، والدولار، وكانت الدول المستعمرة تودع رصيدها من الذهب، أو عملات أجنبية أخرى، في البنك المركزي لدى الدول المتبوعة، ثم تحصل في مقابلها على عملة هذه الدولة المضمونة بالذهب، ثم تكون قيمة عملتها على أساس سعر الصرف الثابت بين عملتها وعملة الدولة المتبوعة، وهي سياسة ماكرة، في ظاهرها تبريرها، بأن إنتاج الذهب لم يعد يكفي لمواجهة جميع العملات، وفي حقيقتها السعي لاستبدال الذهب بالدولار، أو الجنيه الورقيين، والوصول من خلالها إلى استنزاف أكبر قدر ممكن من ثروة الدول الفقيرة والمستعمرة، فقد كانت مواردها تودع في خزائن الدولة المتبوعة، وتتلقى في مقابلها العملة الورقية على أساس أنها مضمونة بالذهب، ولكنه كان افتراضاً غير حقيقي، "وبهذا فإن قاعدة الحوالات الذهبية قامت بدور تجميع وتعبئة الفائض في الاقتصاد التابع، وتسهيل انتقاله إلى البلد المتبوع" (١) إضافة إلى أن الدولة المتبوعة (لإنجلترا) كانت تأخذ المواد الأولية والسلع من الدول الفقيرة والمستعمرة كديون، تسدد بالذهب، ولكنها كانت تسدد بعملات ورقية خضعت لعدة تخفيضات، كانت الخاسرة الوحيدة فيها هي الدولة التابعة.

ولا غرو في أننا إذا قلنا: إن كثيراً من الدول النامية لا تزال تخدم مصالح الدولة الكبرى في سياستها المالية أيضاً من خلال ربط نقودها بنقود هؤلاء.


(١) د. مصطفى رشدي: المرجع السابق (٤٢-٤٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>