للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول أستاذنا الحكيم:

(على أنا لا نمنع أن يتخذ الشارع احتياطات لبعض ملاكات أحكامه التي يحرص أن لا يفوتها المكلف بحال، فيأمر وينهي عن بعض ما يفضي إليها تحقيقاَ لهذا الغرض، إلا أن ذلك لا يتخذ طابع القاعدة العامة، ولعل الكثير من الأمثلة التي ذكرها (يعني ابن القيم حيث ذكر ما يقارب المائة بين آية وحديث وجد فيها اتحاد الحكم بين الوسائل وما تفضي إليه) منصبة على هذا النوع.

ويكفينا أن لا يكون في هذه الأمثلة من التعليلات ما يصلح لأن يتمسك بعمومه أو إطلاقه لتحريم جميع المقدمات التي تقع في طريق المحرمات، مهما كان نوعها، وليس علينا إلا أن نتقيد بخصوص هذه المواقع التي ثبت فيها التحريم (١) .

نعم يمكن لأحد أن يدعي حصول اطمئنان له بطريقة الشارع في كل الموارد إلا أن إثبات ذلك في غاية الصعوبة (٢) .

وقد ذكرت الموسوعة بعض ما قاله الشافعية والحنفية في رد هذه القاعدة الكلية المدعاة باعتبار أن الذرائع هي الوسائل وهي مضطربة من حيث الأحكام، ومختلفة مع المقاصد من حيث قوة المصالح والمفاسد وأضافت الموسوعة المذكورة: (وقالوا إن الشرع مبني على الحكم بالظاهر كما قد أطلع الله ورسوله على قوم يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، ولم يجعل له أن يحكم عليهم في الدنيا بخلاف ما أظهروا، وحكم في المتلاعنين بدرء الحد مع وجود علامة الزنا، وهو أن المرأة أتت بالولد على الوصف المكروه.

قال الشافعي: وهذا يبطل حكم الدلالة التي هي أقوى من الذرائع، فإذا أبطل الأقوى من الدلائل أبطل الأضعف من الذرائع كلها) (٣)

ولعل الشافعي أراد أن يقول بأنه صحيح أن هذه الوسيلة يظهر منها أنها مقدمة للحرام ولكن هذا الظاهر لن يبرر التحريم ما لم يصل إلى مستوى القطع العرفي على الأصل.


(١) أصول الفقه المقارن ص ٤١١
(٢) وقد يستفاد من طريقة الشارع أحيانًا ما يعد ضوءًا كاشفًا (على حد تعبير أستاذنا الصدر) يستفيد منه الحاكم الشرعي بتنظيم شئون البلاد
(٣) الموسوعة الكويتية ج ٢٤ ص ٢٧٨ نقلًا عن الأم للشافعي ج٧ ص ٢٧٠ قبيل باب إبطال الاستحسان من كتاب الاستحسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>