للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- تركهم لقراءة السجدة فجر يوم الجمعة: وقد أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ يوم الجمعة في صلاة الفجر ألم تنزيل السجدة، وهل أتى على الإنسان)) أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه (١) .

وأخرجه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما (٢) .

وفيه دليل على استحباب قراءة هاتين السورتين في فجر الجمعة، والمداومة عليها لما تشعر به صيغة الحديث من مواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك أو على الأقل إكثاره منه، بل قد ورد التصريح بمداومته صلى الله عليه وسلم. أخرجه الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه (٣) . وما ذكره المالكية من محذور، يدفعونه بترك قراءتها، وهو خشية اعتقاد العامة كون فريضة الفجر يوم الجمعة ثلاث ركعات، وقد استشهد له بعضهم بما شاع عند عامة مصر: أن صبح الجمعة ثلاث ركعات لما يرونه من مواظبة الإمام على قراءة سورة السجدة والسجود لها.

٣- حبس المصلي لوضع ثوبه أمامه: روى أبو مصعب صاحب الإمام مالك قال: قدم علينا ابن مهدي يعني المدينة ـ فصلى، ووضع رداءه بين يدي الصف، فلما سلم الإمام رمقه الناس بأبصارهم، ورمقوا مالكًا، وكان قد صلى خلف الإمام، فلما سلم قال ـ الإمام مالك رحمه الله ـ: من ههنا من الحرس؟ فجاءه نفسان، فقال خذ صاحب هذا الثوب فاحبساه، فحبس فقيل له: أنه ابن مهدي، فوجه إليه، وقال له: أما خفت الله واتقيته أن وضعت ثوبك بين يديك في الصف، وشغلت المصلين بالنظر إليه، وأحدثت في مسجدنا شيئًا ما كنا نعرفه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ((من أحدث في مسجدنا حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)) . فبكى ابن مهدي وآلي على نفسه ألا يفعل ذلك أبدًا، لا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في غيره (٤) ، وهذا غلو لا مبرر له في إعمال سد الذرائع وإلا فماذا يعني وضع الثوب بين يدي المصلي هل يمكن اعتبار ذلك ذريعة إلى اعتقاد الجهال عدم صحة الصلاة إلا بذلك، أو ذريعة إلى عبادة من دون الله، لتستحق التأنيب والحبس، هذا أقصى ما يمكن أن يتصوره المجتهد في سد الذرائع، بل منع الناس من وضع حوائجهم أمامهم وهم يؤدون الصلاة ذريعة في حد ذاته إلى محظور مؤكد من وجه آخر؛ لأن الناس لا يستغنون في كثير من الأحوال عن حمل حوائجهم، فلو حرمنا عليهم وضعها أمامهم في أثناء صلاتهم، لأدى ذلك: إما إلى تركهم الصلاة مع الجماعة في المسجد أو إلى انشغال أفكارهم حولها لو وضعوها خلفهم.


(١) الاعتصام ١/ ٢١١
(٢) النووي على مسلم ٦/ ١٦٨، وتحفة الأحوذي ٣/٥٦، وخصوصيات يوم الجمعة للسيوطي ص ٣١
(٣) نفس المراجع السابقة: النووي على مسلم ٦/ ١٦٧ وتحفة الأحوذي، وخصوصيات الجمعة
(٤) الاعتصام ١/١١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>