للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسًا: مسألة حرمة الوسائل: حرمة الوسائل هذا أمر يجب أن يتوقف عنده الباحثون ولم يتوقفوا عنده كثيرًا. تحريم الوسائل ليس كتحريم المقاصد، ولأجل ذلك ما حرم للوسيلة فإنه يجوز للحاجة. مثال ذلك ما يقوله العز بن عبد السلام –رحمه الله تعالى-: لا يمنعنك من زيارة أخ ما تشاهده من المناكر في الطريق، فإنك إن غيرت هذه المناكر فذلك أجر آخر وإن لم تغيرها فلا شيء عليك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف بالكعبة وعليها ثلاثمائة وستون صنمًا. فهو يرى أن هذه المناكر يجوز المرور بها ومجاوزتها للحاجة، وكذلك كلام ابن حجر –رحمه الله تعالى- في الفتح عند حديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن القعود على الطرقات، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أجازه لما ذكر له الحاجة ولكن وضع شروطا وضوابط، وقال: هذا يدل على أن النهي ما كان عزيمة. فهذا أمر يجب أن نتوقف عنده تحريم الوسائل يجوز للحاجة ولكن أي حاجة؟ هذا أمر يجب أيضا على الفقيه أن يوضحه.

سادسًا: هناك نقطة قد أشار إليها الإخوان، كان يجب على الباحثين أن يبحثوا في المسائل العملية، المسائل المعاصرة التي نعيشها، وهي مسائل كثيرة منها مسألة إيداع الأموال في البنوك الربوية ومنها مسألة طلب الجنسية في بلاد الكفر وهذه المسألة طرحت علينا السنة الماضية في فرنسا. نحن نعرف أن كثيرا من علمائنا كمالك –رحمه الله تعالى- الذي يرى أن السفر إلى هذه الديار التي سماها ديار حرب وإن كانت هي ديار هدنة يرى أنه من مسقطات الشهادة: فهنا الناس يتسألون هل يجوز لنا أن نطلب الجنسية بناء على ضيق أو حرج؟ يعني شخص قد يضيق ذرعا بالمقام في بلاده ولكنه حتما سيصل إلى أشياء لا تحمد عقباها فيما يتعلق بتعليم أولاده وبتربيتهم تربية إسلامية قد يجد صعوبة وحرجا فهل تجوز له الجنسية أو لا تجوز له؟ هذه المسألة من مسائل الوسائل لأننا نمنعها خوفا من ما تؤدي إليه، فيجب أن نطرح مثل هذه القضايا، التعامل مع المصارف الربوية، ووضع الأموال في هذه المصارف، ومسألة الأطباق التي تحدث عنها الشيخ التسخيري، ومسألة طلب الجنسية في بلاد الكفار، وتضمين الطبيب الذي يقوم بعمل قد يؤول إلى هلاك إذا قلنا بمسألة الضمان بالمآل. أخيرا فإن الذرائع قد لا تكون السبب –وهو مهم جداً- الوحيد في الخلاف بين العلماء في بيوع الآجال خلاف في الحقيقة يرجع إلى قاعدة أخرى وهي أن الشافعي –رحمه الله تعالى- لا يرى العمل بقول الصحابي، رأي صحابي عنده ليس حجة كافية في مذهبه الجديد. والحال أن الإمام أحمد ومالكا – رحمهما الله تعالى- يرجعان إلى قول عائشة في حديث العالية بنت أنفع في الغلام الذي باعته لزيد بن أرقم.

فالمسألة هنا ترجع إلى دليل آخر غير سد الذرائع.

وكلمة أخيرة أقول لكم جزاكم الله خيرا على وضع هذه النقطة في جدول الأعمال وأنا أقترح في كل دورة أن نخصص بندا لمسألة من مسائل الأصول، في دليل من أدلة الأصول، وأن نركز في تناولنا لهذا الدليل على المسائل العملية المعاصرة التي نعيشها فهذا أمر مهم جدًا. وشكرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

<<  <  ج: ص:  >  >>