للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الثالث

حضانة المصابة بالإيدز للطفل السليم

إعطاء حكم في هذه المسألة عن اتضاح وسائل انتقال المرض فإن ظهر أن المعايشة والالتصاق سبب في انتقال العدوى منعت الحضانة حينئذ والأطباء لم يجزموا بعدم انتقاله بالمعايشة بل ورد من نظرياتهم أن الإصابة قد تكون بسبب الالتصاق، جاء في كتاب الإيدز وباء العصر تفسير لبعض إصابات الأطفال: (تحدث الإصابة بعد الولادة نتيجة الالتصاق والصلة الحميمة بينه وبين الأم أو الأب المصاب) (١)

ولكن الذي أميل إليه والحالة هذه من عدم وضوح وسائل انتقاله: أنه يأخذ حكم الجذام والبرص حتى يقطع بعدم الانتقال بالمعايشة إن وجد من يقوم بحضانته غير المصاب وإلا وجب بقاؤه مع المريض وتخلف الأسباب وعدم تأثيرها إذا كانت واضحة أمر معلوم في شريعتنا السمحة فكيف إذا كان السبب محل خلاف؟

أما إذا وجد من يقوم بحضانته كالأب السليم فتسقط حضانة الأم المصابة أو توقف حتى يتضح الأمر ويحسم طبيًا ومن تتبع نصوص الفقهاء وأقوالهم في ذلك اتضح له بعد نظرهم وسعة اطلاعهم. جاء في كشاف القناع: [وإذا كان بالأم برص أو جذام سقط حقها من الحضانة .... قال في الإنصاف: وقال غير واحد وهو واضح في كل عيب متعد ضرره إلى غيره] (٢) .

وقال العلائي: [لو كانت الأم مجذومة والولد غير رضيع فينبغي القول بسقوط حضانتها] (٣) .

وعليه فإن القول بإيقاف حضانتها حتى يتضح الأمر (٤) قول وجيه فإن امتنع الولي وأصر فسق، وعليه فإن الجذماء والبرصاء حيث ثبت أن الجذام ينتقل بالمعايشة والمجالسة تسقط حضانتهما ويجب عزلهما فإن شارك هذا المرض – الإيدز – الجذام وكانت ينتقل بالمعايشة (٥) أخذ حكمه في الحضانة والعزل. جاء في كشاف القناع: [ولا يجوز للجذماء مخالطة الأصحاء عمومًا ... وعلى ولاة الأمور منعهم من مخالطة الأصحاء بأن يسكنوا في مكان مفرد لهم] (٦) .


(١) محمد البار، ومحمد صافي، الإيدز: ص ٧٣. ومقابلة أجريتها مع مجموعة من الأطباء.
(٢) البهوتي، كشاف القناع: ٣ / ٤٩٩
(٣) العلائي، المجموع المذهب: ٢ / ٢٥٨ ب
(٤) إن وجد بديلا يقبل حضانته مع الخوف والرعب الذي ينتشر بين الناس إذا علم أن في الأسرة مصابًا فقد يجتنب الناس الأسرة كلها.
(٥) يميل كثير من الأطباء إلى عدم انتقاله بالمعايشة.
(٦) البهوتي، كشاف القناع: ٦ / ١٢٦؛ وانظر شرح منتهى الإرادات: ٣ / ٢٦٧

<<  <  ج: ص:  >  >>