للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تأملنا مجموع ما ورد في التذكية ففقهنا أن غرض الشارع منها اتقاء تعذيب الحيوان بقدر الاستطاعة، فأجاز ما أنهر الدم وما مَرَّاه أو أمرَّاه أو أمرَّه، وهو دون معنى (أنهره) في معنى إخراجه أو إسالته، وأمر بأن تحد الشفار وأن لايقطع شيء من بدن الحيوان قبل أن تزهق روحه، وأجاز النحر والذبح حتى بالضرار أي بالحجارة المحددة، وبالمرو أي الحجر الأبيض، وقيل الذي تقدح منه النار، وبشق العصا وهذا دون السكين غير المحدد بالشحذ، ولكل وقت وحال ما يناسبهما، فإذا تيسر الذبح بسكين حاد لا يعدل إلى ما دونه، وإذا تيسر في الذبح إنهار الدم يكون أسهل للحيوان وأقل إيلاماً له فلا يعدل عنه إلى مثل طعن المتردية في ظهرها أو فخذها أوخزق المعراض وخدشه لأي عضو من البدن، والرمي بالسهم للحيوان الكبير ذي الدم الغزير" (١)

وقد نحا هذا النحو من أهل زماننا العلامة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود، إذ قال في رسالته (فصل الخطاب في إباحة ذبائح أهل الكتاب) : "ليس عندنا ما يدل على قصر التذكية وحصرها في قطع الحلقوم والمريء حسبما شرطه الفقهاء، إلا أنها جرت العادة بذلك في الإسلام وزمن الجاهلية، ولأن هذه الكيفية أسرع وأسهل لإزهاق روح الحيوان، لكون الحلقوم والمريء هما مجرى النفس والطعام والشراب، ولأن هذه الكيفية هي أبقى وأسلم للجلد الذي له قيمة في زمانهم، حتى كانوا يسلخون جلود الميتة وينتفعون بها". (٢)


(١) المنار: ٦/ ١٤٤- ١٤٥
(٢) آل محمود، فصل الخطاب في إباحة ذبائح أهل الكتاب، ص ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>