للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن الجديد في عالم اليوم هو استقلال عمليات التمويل بمؤسسات متخصصة، مما احتاج إلى تجلية العناصر التمويلية في بعض العقود، وتركيب عقود جديدة تسلخ منها العناصر التي هي من صميم عمل التجار وأمثالهم، ويقتصر على ما كان متعلقًا بوظيفة التمويل. من ذلك بيع المرابحة (مع تأجيل الثمن) ، فيه جوانب تمويلية منها تمكين غير القادر على الشراء نقدًا من الحصول على السلعة ودفع ثمنها منجمًا، وفيه جوانب تجارية (تبادلية) مثل " نطح الأسواق " والتربص بالسلع لتعظيم الربح، وإنشاء المستودعات والمعارض والترويج للمبيعات وما إلى ذلك. عندئذ اقتصرت المؤسسة المصرفية على الجانب الأول فقط لرغبتها التخصص في التمويل، وتركت الجانب الثاني إلى التجار، فاحتاجت لهذا السبب إلى تطوير واستنباط صور جديدة للشروط في العقود التي هي في أصلها جائزة كالبيع والإجارة وغيرها. والائتمان من المصطلحات الجديدة التي تصف أمرًا قديمًا معهودًا عند كل المجتمعات في القديم والحديث.

والائتمان يختلف في مفهومهم من القرض فهو يشير إلى " تمكين مقدم الائتمان المستفيد منه من استخدام القوة الشرائية التي يتوفر عليها الأول للحصول على السلم والخدمات والنقود بمقابل نقدي مرتبط بالزمن " فجاءت المرابحة للآمر بالشراء مع الوعد الملزم ... إلخ، والذي يظهر لنا أن الجزء الأكبر من الباعث على العقود المركبة والمجمعة إنما مرده هذه الظاهرة التي ما كانت معروفة في القديم، وهي انفصال وظيفة التمويل عن التجارة والنشاطات الاقتصادية الأخرى وظهور ما ليس بالائتمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>