للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد الوهاب أبو سليمان:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.

لا يخفى على الجميع أن الفقه الإسلامي صناعة رفيعة لا يجيدها إلا الماهرون، من خصائص هذه الصناعة عدم الاستكثار من الأمثلة، ومن خصائص هذه الصناعة الإشراق والوضوح. هذا الموضوع – وكما يقولون – التعقيد في اللفظ يتبعه التعقيد في المعنى، جالت بخاطري هذه الأفكار وأنا أقرأ وأسمع عن عقود الصيانة، صُعِّد الموضوع تصعيدا كبيرا وكأنه لا عهد للفقه الإسلامي به، ولا بالفقهاء به، وكأنه نازلة جديدة لم يسبق أن نزلت بنا. الموضوع لا يمكن أن ينظر إلى هذا العقد فقط في دائرة الفقه دون النظر إلى القواعد الفقهية التي تسهل وتذلل كثيرا من الأمور، ونستغني بتلك القواعد عن كثرة التمثيل لأنه مهما وضعنا من أمثلة أو صور فالواقع يزودنا بأكثر من ذلك. وكما تعلمون أن التمثيل في الفقه إنما هو للتوضيح والتبيين وليس للحصر والاستقراء، فمهما أتينا من أمثلة وصور فالواقع يمدنا ويزودنا بأكثر من هذا.

ثانيا: موضوع القواعد الفقهية، وليست الصناعة الفقهية مجرد أن نعرف مجرد الأحكام دون أن نعرف الأصول وكما قال الشيخ آية الله التسخيري: الأصول ضروري للفقيه، وقواعد الفقه أيضا ضرورية. فأجد أن الكثير حاول أن يطوف بنا في موضوعات بعيدة من أجل وجود بعض الشروط في عقد الصيانة وهو موضوع بيع القطع، فأشكل هذا وأوجد إشكالا كبيرا، بينما المعروف لدينا في الفقه: ما صح تبعا قد لا يصح استقلالا، إذن هذا العقد إذا وجد فيه شرطا، لأنه بشرط وهذا الشرط فيه شيء من الاعتراض هذا لا يجعلني أن أقلب الموضوع رأسا على عقب وأبحث عن أشياء أخرى، فالقواعد الفقهية في هذا الأمر تساعدنا، فليس هي مجرد صور وأحكام وتحليلات، وإنما الفقه صناعة رفيعة، وجزى الله الشيخ الكاساني، عندما قال عنه: بدائع الصنائع.

الواقع أن الفقه الإسلامي تضمن هذا الموضوع لكن ليس بالصورة التي نعايشها الآن، نجده في عقد البيع وفي عقد الإجارة، فعندما يذكر في باب الإجارة: ولو شرط عليه ترميم البيت وصيانته وترخيمه وكذا وكذا؛ لكان هذا الشرط باطلا باعتبار أن هذا نوع من الصيانة، كذلك لو باع له شيئا وشرط عليه كذا وكذا وكذا باطل عندنا إذا كان عقد بيع وشرط المشتري على بائع المصنع أن يصونه لفترة كذا وكذا، ألا يدخل هذا في شروط البيع الشروط التي أباحها سواء كان البائع فهي لا تتعارض مع العقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>