للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصيغ المعاصرة لاستثمار الوقف وإدارته

سبق أن ذكرنا أن اعتماد الوقف على الاجتهاد في غالب أحكامه يفسح المجال للاجتهادات الجديدة في استثماره إما بالتخريج على آراء الفقهاء السابقين أو باشتقاق أحكام جديدة اعتماداً على المصادر الاجتهادية الشرعية المقررة.

واستناداً إلى ذلك يمكن القول بأن الاستفادة من النظم المعاصرة وطرق التخطيط المالي والنقدي، واستخدام القوائم والتقارير المالية التي تسهم في إيضاح المركز المالي للمؤسسات الوقفية، إلى غير ذلك من طرق ووسائل إدارة الأعمال الحديثة، الأخذ بها في الوقف جائز بل ومطلوب لنمائه وحسن استثماره وذلك لاعتبارين:

الاعتبار الأول: أن هذه الوسائل إجرائية، ولا تمس موضوع الوقف في ذاته بشيء وهذا ييسر قبولها والعمل بها إلا إذا كان فيها ما يخالف الشرع، كما أن الأخذ بها يدخل في باب المصالح المرسلة، ومع ذلك لابد من ملاحظة المواءمة بينها وبين طبيعة الوقف، وتطويعها في بعض الأحوال لخدمة أغراض تنميته واستثماره، وهي طبيعة لا تعتمد على الجانب المادي الدنيوي وحده، وإنما يمتد أفقها إلى الجانب الروحي الذي شرع الوقف أساساً لخدمته وإشباعه.

الاعتبار الثاني: أن هذه الوسائل تعتبر من أعراف زماننا، والعرف الصحيح الذي لا يصادم الشرع يؤخذ به وبخاصة في الوقف الذي كثيراً ما اعتمدت أحكامه في السابق عليه، وبناء عليه أجاز الحنفية وقف بعض المنقولات مع أن الأصل عندهم عدم جواز وقف المنقول، كما هو معلوم، فأجازوا وقف القدوم، والفأس، والدور، والجنائز وثيابها، والأكسية الشتائية للفقراء، والدراهم والدنانير وبعض الأموال الوزنية أو الكيلية كالقمح (١) .


(١) أحكام الأوقاف للأستاذ الشيخ مصطفى الزرقا، ص ٦١، طبعة دار عمان - الأردن، ١٩٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>