للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا عدنا إلى صور الإجارة المنتهية بالتمليك لتطبيق هذه الضوابط عليها فإنه من المفيد أن نبدأ بعقد الإجارة المنتهية بالتخيير (لا بالتمليك) لأن قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم ٤٤ (٦/٥) في اجتماعه السنوي الخامس قد نص على جواز عقد الإجارة المنتهي بالتخيير باعتباره بديلاً مباحاً فقال في وصفه: " عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر، بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال المدة، في واحد من الأمور التالية:

• مد مدة الإجارة.

• إنهاء عقد الإجارة ورد العين المأجورة إلى صاحبها.

• شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة".

وقد لاحظ فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي بأن هذا ليس في الحقيقة من باب الإجارة المنتهية بالتمليك وليس بديلاً حقيقياً عنها (١) ، لأنه لا انتهاء بالتمليك فيه، وأكد ذلك الدكتور محمد علي القري في بحثه المقدم في الندوة الفقهية الخامسة لبيت التمويل الكويتي بإشارته إلى المعنى التمويلي المتضمن في هذا العقد الذي يقتضي أن يحدد سعر البيع في العقد نفسه، لأن من مقصود العقد نفسه أن يتملك المستأجر العين المؤجرة عند انتهاء مدة الإجارة، ولكننا ينبغي أن نؤكد هنا أيضاً بأن شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة يمكن أن يدل على الانتهاء بالتمليك فعلاً بمقتضى العقد نفسه (٢) ، لأن تطبيق هذا الشرط يمكن أن يتخذ إحدى ثلاث حالات هي كالآتي:

(أ) أن يلتزم الطرفان بعقد بيع على العين المأجورة عند انتهاء مدة الإجارة، بسعر السوق، وأن يحددا في العقد نفسه أسلوباً معيناً للتعرف على سعر السوق هذا، كأن ينص العقد مثلاً على لجنة من الخبراء تحدد السعر، أو على عرض العين في سوق معينة بالمزاد مثلاً، فيكون السعر الملزم للطرفين هو ما تحدده لجنة الخبراء أو ما ينتهي إليه المزاد.

(ب) أن يلتزم واحد من الطرفين، البنك الإسلامي مثلاً، بالسعر السوقي المحدد كما في الصورة (أ) دون الطرف الآخر.

(ج) أن لا يكون السعر ملزماً لكلا الطرفين معاً، فإن شاءا أمضيا العقد وإن لم يرغبا به أخذ المؤجر العين التي يملكها.

ومن الواضح أن الحالة (أ) تنتهي بتمليك مؤكد، بعد مدة عقد الإجارة، كما أن الحالة الثانية تنتهي بمثل ذلك أيضاً في الغالب، وبخاصة إذا كان الممول هو صاحب الخيار لأنه يرغب في العادة بالاحتفاظ بالسلعة، أما الحالة (ج) فإنها تتضمن أكبر قدر من المخاطرة بحيث تكون غير محببة لكل من المصرف الإسلامي والعميل معاً، فضلاً عن الموقف السلبي الذي يتوقع للمصرف المركزي أن يتخذه منها بسبب ارتفاع قدر المخاطرة فيها إلى حد يفوق ما يسمح به عادة من السلطة الرقابية النقدية.


(١) انظر مناقشات أعضاء المجمع في العدد الخامس، ج٤.
(٢) د. محمد علي القري (العقود المستجدة: ضوابطها ونماذج منها) ، ورقة مقدمة إلى الندوة الفقهية الخامسة لبيت التمويل الكويتي، ص١٨-٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>