للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم: لو أمكن أن يكن عقد التوريد منصبًا على سلعة شخصية خارجية قد رؤيت من قبل المشتري واشتراط توريدها إلى بلده في أوقات معينة يسلم فيها نسبة من الثمن إلى البائع، يمكن هنا أن يكون البيع مرابحة حينئذ يجب على البائع الإخبار بالأجل لو كان البائع قد اشترى سلعته بثمن مؤجل لأن المفروض أن البائع يبيع بنفس الثمن مع زيادة معينة، فلو كان قد اشتراه مؤجلًا وباعه بنفس الثمن حالًا مع زيادة لم يكن بيع مرابحة وكان خيانة وكذبًا.

مماطلة المشتري في تسديد ثمن البضاعة:

قد يتسلم المشتري البضاعة من البائع ويماطل في تسديد الثمن فهل هناك حالة يضمن فيها البائع عدم مماطلة المشتري في تسديد الثمن؟

الجواب: هناك عدة أجوبة لضمان عدم مماطلة المشتري:

الأول: أن البائع يحق له (في عقد السلم إذا تأجل الثمن تبعًا لتأجيل المبيع أو في عقد التوريد الذي يكون فيه البدلان مؤجلين) أن لا يسلم المبيع حتى يقبض الثمن، وفي هذه الحالة تنتفي مماطلة المشتري موضوعًا.

ولكن هذه الحالة غير متيسرة في هذه العقود لأن البائع في دولة والمشتري في دولة أخرى وتسليم الثمن مباشرة إلى البائع غير متيسر، بالإضافة إلى أن المشتري قد يتصور مماطلة البائع في تسليم المثمن بعد قبضه للثمن فيتوقف عن تسليم ثمنه أولًا، وله الحق في ذلك أيضًا، ولهذا وجد الجواب التالي لضمان عدم مماطلة المشتري وهو:

الثاني: أن يدفع المشتري الثمن إلى البنك ويأمره بتسليمه إلى البائع عند تصدير البضاعة إلى المشتري حسب الوثائق التي يبرزها بنك البائع بتصدير البضاعة إلى المشتري وهذه الحالة يضمن فيها البائع ثمنه والمشتري مثمنه بواسطة بنك البائع وبنك المشتري بعد وصول مدارك إرسال البضاعة ووصلها.

وهذه الصورة الثانية هي ما يصطلح عليه بـ (الاعتمادات المستندية) المنتشرة في عمليات التجارة الخارجية، فيفتح المشتري في البنك اعتمادًا) خلاصته: تعهد بنك المشتري للبائع (بناء على طلب المشتري) أن يدفع له مبلغًا من المال (الثمن) في مقابل كفاءة المستندات التي تبين أن البضاعة التي اشتراها المشتري قد شحنت بقصد وصولها إلى المشتري خلال مدة معينة، وهذا ما يسمى باعتماد الاستيراد.

ويظهر من هذه الصورة الثانية: إن دور البنك هو دور المتعهد بوفاء دين المشتري للبضاعة الخارجية فيما إذا اطلع على شحن السلعة بواسطة الوثائق الرسمية.

وهناك صورة أخرى يكون البنك مسؤولا عن دفع ثمن البضاعة في صورة ما إذا استلم مستندات التصدير من البائع وسلمها إلى المشتري وقبلها، ولكن هذه الصورة قد تلكئ عملية ضمان ثمن البضاعة للبائع إذا قد تصدر السلعة ولم يقبل المشتري المستندات فتحصل المماطلة.

ويستحق البنك على عمله هذا أجرة لأنه عمل جائز وخدمة يقدمها البنك للمشتري لأن تسلم المستندات التي تدل على شحن البضاعة وفحصها للتأكد من عدم تزويرها وتسديد الثمن للمصدر أو بنكه، هي أعمال يقوم بها البنك لصالح المشتري فيستحق أجرة عليها.

الثالث: قد يقال: إن البائع لأجل أن يضمن عدم مماطلة المشتري في تسديد ثمن البضاعة قد يلجأ إلى الشرط الجزائي في صورة تأخر المشتري في التسديد، فيحصل عن كل يوم يتأخر فيه المشتري في التسديد للثمن غرامة معينة (أو تعويضًا معينًا) وهذا الشرط (الغرامة) والتعويض تمنع المشتري من التأخير لأن البائع يتمكن أن يقاضيه إلى القضاء الحكومي عند تأخره فيستحق عليه الثمن والغرامات أو التعويضات التي حصلت من التأخير لتسديد الثمن.

أقول: إن الثمن ما دام دينًا في ذمة المشتري يجب دفعه في مدة محددة فتأخيره في مقابل الغرامات أو التعويضات يكون ربا جاهليًّا محرمًا، لأن الربا الجاهلي ما عبر عنه في الروايات (أتقضي أم تربي) وهذا بنفسه موجود في الشرط الجزائي عند تأخر الثمن الذي هو دين على ذمة المشتري، فيكون محرمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>