للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: اليهودية المحرفة: وهي النسخة المحرفة عن اليهودية السماوية التي طالتها أيدي الرهبان والكهنة وفلاسفة اليهود عبر التاريخ، امتزجت بالأساطير والخرافات والادعاءات الغريبة، وبرزت بالتدريج على شكل (عصبية يهودية) مزجت بين العصبية الدينية والعصبية القومية والأيديولوجية الأرضية الخاصة، وقد تحدث القرآن الكريم صراحة عن هذا الاتجاه الذي بلغ فيه اليهود مقدارًا غير محدود من الجرأة على الله تعالى حتى في زمن موسى عليه السلام، بل وفي وقت نزول آيات الله تعالى: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: ٧٥] ، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (٤٥) مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء:٤٤ - ٤٦] {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [البقرة: ٧٩] .

هذا فضلًا عن ضغط الحوادث التاريخية التي مر بها اليهود، والتي ساهمت في خلق هذه (العصبية) المركبة، ومن أبرزها صراعهم الدائم مع الرسالات وقتلهم الأنبياء، وممارسات أو ردود أفعال الشعوب المجاورة لهم أو المتعايشة معهم، والذي نتج عنها اضطهاد وإرهاب وتشتت اجتماعي وجغرافي، وتولد عن هذه العصبية مشاعر متفردة متناقضة لدى المجتمعات اليهودية أصبحت جزءًا من أيديولوجيتها وتكوينها النفسي، من أبرزها التمايز عن باقي شعوب العالم والتعالي عليها، باعتبار أن بني إسرائيل هم (أحباب الله) ، و (شعب الله المختار) ! الذي يتفرد بحمل الرسالة الإلهية التاريخية التي لابد أن يطبقها على كل الأرض دون استثناء، وإن أدى ذلك إلى تدمير كل شيء! وقد تحمل اليهود - كما يصورون بسبب هذه الرسالة كل أنواع الاضطهاد والاحتقار، فشحن ذلك فيهم ألوانًا معقدة من الحقد والكراهية للآخرين والتعطش للانتقام والانكماش والانعزال وغيرها من العقد والأزمات النفسية المتأصلة (١) يقول الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} [الجمعة: ٦] ،

{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: ٨٢] .

وهذه اليهودية هي التي ظلت أيديولوجية السائدة في المجتمعات اليهودية، ولم تنفع معها حتى تعاليم الأنبياء ونصائحهم وأساليبهم في التغيير، وهي اليهودية التقليدية.


(١) انظر الخطر اليهودي.. بروتوكلات حكماء صهيون، ترجمة: محمد خليفة التونسي؛ وعبد الله التل، خطر اليهودية على الإسلام والمسيحية.

<<  <  ج: ص:  >  >>