للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي الرابع: أن الوعد يكون ملزما إذا كان معلقا على سبب ودخل الموعود بسبب هذه العدة في شيء، وهو قول مالك وابن القاسم وقول سحنون (وهذا هو المشهور في المذهب المالكي) .

ويقرب من هذا قول ابن نجيم من الحنفية (١) . أنه إذا وعده أن يأتيه، أي وكان في نيته أن يفي بما وعد، فلم يأته لا يأثم، أما إذا كان في نيته ألا يفي فهو حرام، ولا يلزم الوعد إلا إذا كان معلقا على شرط كما في كفالة البزازية وفي بيع الوفاء، وفي الفتاوى البزازية: أن المواعيد باكتساء صور التعليق تكون لازمة، ونصت مجلة الأحكام العدلية في المادة (٨٤) (٢) . على أن (المواعيد بصور التعاليق تكون لازمة، فلو قال شخص لآخر: ادفع ديني من مالك، فوعده الرجل بذلك ثم امتنع عن الأداء، فإنه لا يُلزِم الواعد بأداء الدين، أما لو قال له: بع هذا الشيء لفلان، وإن لم يعطك ثمنه فأنا أعطيه لك، فلم يعط المشتري الثمن، لزم الواعد أداء الثمن المذكور بناء على وعده) .

أما المواعدة: فقد سبق أن بينا (أن المواعدة لا تكون إلا بين اثنين، وذلك بأن يعد كل واحد منهما صاحبه بالعقد) وقد صرح بعض الفقهاء بجوازها، ومن ذلك ما ورد عن الإمام الشافعي من قوله: (إذا تواعد الرجلان الصرف، فلا بأس، أن يشتري الرجلان الفضة ثم يقرانها عند أحدهما حتى يتبايعا، ويصنعا بها ما شاءا) (٣) . ويفهم من هذا أنهما إذا تواعدا على عقد فإنه يجوز التواعد، ثم بعد ذلك يجريان عقد البيع على الموعود بتبايعه، فالتواعد على العقد بيعا أو غيره ليس بيعا ولا نكاحا، يقول ابن حزم: (والتواعد في بيع الذهب بالذهب، أو بالفضة، وفي بيع الفضة بالفضة، وفي سائر الأصناف الأربعة (أي: البر والشعير والملح والتمر) بعضها ببعض جائز، تبايعا بعد ذلك أو لم يتبايعا؛ لأن التواعد ليس بيعا) (٤) .


(١) (الأشباه، لابن نجيم، ص ٣٤٤؛ والفتاوى البزازية هامش الفتاوى الهندية: ٦/ ٣)
(٢) (شرح مجلة الأحكام العدلية، لعلي حيدر: ١/ ٧٧)
(٣) (الأم: ٥/ ٣٢)
(٤) (المحلى: ٨ /٥١٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>