للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

قدم الأرض رهنا.

الشيخ عبد السلام:

لا، لا. قدم أرضا للمشروع. أرجو أن تقرأ بدقة: (لما كان الشخص الفلاني يرغب في استثمار قطعة الأرض الموصوفة أعلاه وذلك عن طريق إنشاء بناء كذا وكذا) ، وهو قدم أرضه. فإذن التزيد على ذلك ليس مطلوبا. هو شارك بتقديم الأرض، ويأتي البنك ويقيم بناية موصوفة بعد ذلك مبينة بدقة وفق المخططات ماذا سيقيم؟ هذا المبلغ الذي يدفعه..

الشيخ عبد الستار:

أن يقوم برهن قطعة الأرض.

الشيخ عبد السلام:

لا، لا، اطَّلِعْ على مطلع العقد: (إن الفريق الثاني يرغب في استثمار قطعة الأرض الموصوفة أعلاه وذلك عن طريق إنشاء بناء) لكن حتى يضمن البنك حقوقه يتم رهن الأرض.

لو تلاحظ الواقع المعاصر مثل ما قلنا قبل قليل إنه لا يمكن في الواقع أن تتم هذه العقود إذا لاحظنا شكليات القوانين الوضعية المعاصرة. ودعني أكمل ثم رُدَّ علي.

فإذن نحن عندما نقول: (لتسديد أصل ما قدمه البنك من تمويل) ، نقول: لتسديد ما قدمه البنك من كلفة أو ما تحمله البنك من كلفة. يعني يلتزم ببيع هذه البناية التي أقامها بكلفتها. وليست القضية قضية قرض ورأس مال وسداد لمبلغ دفعه للشريك الآخر. وثقوا تماما أصحاب السماحة والفضيلة إذا لم نأخذ بهذا العقد بالصيغة المقدمة وهي أن هنالك التزاما من البنك ببيع هذه البناية بما دفع من كلفة لها على ضوء ما يتم تحصيله من دخل والذي قد لا يتحصل في بعض السنوات، وهذا هو عنصر المخاطرة المهم في هذه العملية والذي يخرجها من دائرة الربا، إذا لم نقل بذلك نقع فيما تفضل به الأستاذ القري من أننا سوف نفاجأ بظروف اقتصادية قد تؤدي إلى انهيار هذه المؤسسات.

ما الضير في أن يلتزم البنك بوعد بأنني أبيع هذه البناية بما كلفته، والثمن الذي سآخذه مقابل ذلك وهي الكلفة يأتينى من قسم من الداخل الذي سيتحصل من المشروع؛ ولذلك أنا أوضحت هذه النقطة بعبارات موجزة، وهذا فيه جواب لأخينا الشيخ عكرمة: وقد جرى الحسبة - تقسيم النسب- على أساس توقع الربح وفق قواعد دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروعات، ولكن الربح قد يتحقق بأكثر من المتوقع- في بعض المشاريع البنك بيطلع في أول سنة، لأن الدخل كان فوق المتوقع نتيجة تغير الظروف الاقتصادية- كما أن الخسارة قد تتحقق فلا يأتي المشروع بشيء أو يأتي بالقليل الذي يجعل من هذا الأسلوب الشرعي أسلوبا فيه مخاطرة وتعرض لاحتمالات الربح والخسارة، بخلاف ما عليه الحال في التمويل الربوي الذي تكون فيه الفائدة محسوبة بنسبة متفق عليها على أساس رأس المال، وهذا ليس واردا في هذه الصيغة.

أما ما يتعلق من أننا نكون أمام بيع مضاف للمستقبل، نحن لسنا أمام بيع مضاف للمستقبل، هناك وعد بإجراء هذا البيع في المستقبل بقواعد لا تثير منازعة ولا خلافا وليس فيها جهالة مفضية للنزاع، وما الحرج في ذلك من الناحية الشرعية؟ .

أما اقتراح بعض! الإخوة أن يجري هذا البيع وفق أسعار السوق. اختلت العملية وأصبحت ليست من قبيل عقد التمويل الجائز شرعا.

نحن أمام عقد تمويل، لذلك في تعريف هذه المشاركة (دخول البنك بصفة شريك ممول) . مجرد التمويل واقتضاء فائدة: هذا غير جائز شرعا، بينما إذا أدخل عنصر الشركة وعنصر اقتسام الربح على حسب ما يأتي به السوق وما يأتي به المستقبل ضمن متغيرات الأسواق وغير ذلك، وبالتالي ليس مقطوعا وقد يكون هنالك خسارة.

أنا أفهم لو جرى بحث وهذا أطلبه من أخينا الشيخ عبد الستار في قضية تأقيت هذا العقد، ومدى مساسها بعنصر المخاطرة، والعقدان نصا على التأقيت. نعم يمكن أن يقال: إنه لا بد أن يوضع حد لهذا العمد وضمن الاتفاق، لا مانع من أن تصفى الشركة بعد مدة، لكن نخشى من أن يعتبر عنصر التأقيت نوعا من التعطيل لفكرة المخاطرة. حتى نضمن أن المخاطرة سليمة مئة بالمئة، عنصر التأقيت حقيقة يجب أن يدرس بدقة، وأنا نبهت إلى ذلك. فالتحفظان اللذان أشار إليهما الشيخ عبد الستار، وكذلك المطالبة الملحة بتصحيح هذا الخلل أو غير ذلك.. أرجو في الواقع أن يكون فيما أشرت إليه بيان لطبيعة هذا العقد وحقيقته وما ينبني عليه.

لا أريد أن أطيل لكن أرجو أن تدرس مثل هذه الصيغ الجديدة بإمعان وتدبر إذا استعجلنا في الحكم المحرم، وأنا مع الشيخ وهبة في كلمته ألا نتورط في حكم شرعي لا بالتحليل ولا بالتحريم، وبالتالي لا بد في الواقع من التروي والنظر الدقيق فيما عليه واقع الاقتصاد في هذه الأيام لنردف هذه المسيرة وندعمها ضمن قواعد الشريعة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>