للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثامنًا: إن اعتبار مسألة الشروط والضمان أهم فوارق بين ما يسمى بالمضاربة المشتركة والمضاربة الخاصة، محل نظر، ذلك لأن اعتبار تلك الشروط لا ينبغي أن ينحصر فيما يسمى بالمضاربة المشتركة دون غيرها فمن الممكن أن توضع ذات الشروط فيما يسمى بالمضاربة الخاصة على حد سواء، فليس محظورًا شرعًا أن يضع العامل لرب المال تلك الشروط، وشتان ما بين وضع الشروط وبين اعتبارها والاعتداد بها شرعًا، فليس كل شرط يوضع يعتد به شرعًا، ولذلك، فإن وضع الشروط لا ينبغي اعتباره ميزة يتميز بها ما يسمى بالمضاربة المشتركة، وأما مسألة الضمان، فهي الأخرى لا تختلف في واقعها عن مسألة وضع الشروط، إذ إنه من حق من يسمى بالمضارب الخاص أن يضمن مال المضاربة في هذا العصر، كما أنه من حق من يسمى بالمضارب المشترك أيضًا أن يفعل مثل ذلك. مما يعني أن استناد تقسيم المضاربة إلى مشتركة وخاصة بناء على هذه الجزئية، أمر فيه نظر، كان الأولى تجاوزه وعدم الاعتداد به. ولهذا لأمر ما، تجاوز أئمة الفقه العظام الاعتداد بهذا الجانب في تقسيماتهم للمضاربة وركزوا تقسيمهم على عمل المضارب ومكان العمل وزمانه وصفة من يتعامل معه المضارب.

تاسعًا: تأسيسًا على ما سبق، فإننا نرى أن تصرفات العامل (= المؤسسة المالية) في أموال المضاربة التي تفد إليه، لها أحكامها وقضاياها المفصلة في المدونات الفقهية، ولا تخلو تلك التصرفات من أن تكون صحيحة وغير صحيحة، وكونها صحيحة لا يحول من حقيقة المضاربة إلى مطلقة أو مقيدة، أو مشتركة أو خاصة أو جماعية أو سوى ذلك كما ظن الكثير من الباحثين المعاصرين في هذه المسألة، فمسألة الشروط والضمان ولزوم العقد واقتسام الأرباح وسواها كما تفترض فيما يسمى بالمضاربة المشتركة، كذلك يمكن لها أن تفترض أيضًا فيما سموه بالمضاربة الخاصة أو المضاربة الفردية على حد سواء، ذلك لأن الشروط والضمان ـ كما أسلفنا ـ مسائل خارجة عن حقيقة المضاربة ولا تدخل في ماهيتها وبالتالي، فكل مضاربة قابلة لأن يشترط فيها تلك الشروط وذلك الضمان، وبطبيعة الحال، لقد تناول الفقهاء الأقدمون تلك الشروط والضمان بشيء من التفصيل والتحقيق والتحرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>