للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا-حكم اتفاق مجموعة من العاملين، مع جهة تتعهد بالعلاج، في حالة ما إذا توسطت بينهما شركة تأمين تجارية أو تعاونية:

١٨-يحكم العلاقة –موضوع هذا التطبيق- تعاقد يقوم بين أطراف ثلاثة:

الطرف الأول: مجموعة العاملين الراغبين في تأمين العلاج مستقبلًا، ويجمع بينهم اشتراكهم في مؤسسة واحدة يعملون بها.

الطرف الثاني: الجهة التي سوف تباشر العلاج الفعلي، كالمستشفى، وهي تستند عادة إلى مشروع تجاري يهدف إلى الربح مقابل تقديم الخدمات الطبية.

الطرف الثالث: شركة تأمين تجارية أو تعاونية تقوم بدور الوسيط بين الطرفين الأول والثاني، وهي وساطة لا تهدف إلى مجرد الجمع بين الطرفين، بمقابل أو بغير مقابل، مع التزام الطرف الثاني في مواجهة الطرف الأول بالتزامات مباشرة، وإلا لما كان لهذه الوساطة أثر فيما يختص بالحكم الشرعي على التعاقد بين الطرفين الأولين وإنما المعني بهذه الوساطة هو إنشاء علاقتين: إحداهما بين المستفيدين والشركة، والثانية بين الشركة والمستشفى.

وإذا كانت العلاقة الأولى تقوم على التأمين، فإن العلاقة الثانية –في الفرض المعروض للبحث- تقوم على العلاج دون تأمين، إذ لو كانت علاقة تأمينية لما كان هناك محلل للتردد في انطباق حكم التأمين التجاري عليها، فالطابع التجاري يكسوها من كل جانب، سواء أكانت الشركة تجارية أم تعاونية.

فالفرض المعروض لاستجلاء الحكم الشرعي، إذن، هو ارتباط المستفيدين بالشركة في علاقة تأمينية، وارتباط الشركة بالمستشفى في عملية تجارية عادية مبرأة من الغرر والجهالة، لقيامها مثلًا –على أساس المحاسبة عن كل علاج تقدمه المستشفى لأي من المستفيدين، كل بحسب تكلفته المتفق عليها. وإذا كانت علاقة الشركة بالمستشفى بعيدة عن التأمين، فإنها لذلك تخرج من نطاق البحث –وينحصر التساؤل في العلاقة التي تقوم بين المستفيدين والشركة.

ومن ثم، فإنه إذا كانت الشركة الوسيطة شركة تأمين تجارية، تسعى في عمليتها هذه إلى الربح، ولا يدخل التعاون بين أهدافها القريبة، والمؤمن فيها غير المؤمن له وكل منهما ينشد مصلحته الذاتية، فإن العقد يكون بذلك بعيدًا عن التبرع، الذي يسمح بإجازته رغم ما يكتشفه من غرر وجهالة، وبالتالي يكون فاسدًا لاشتماله عليهما في غير الحالات التي يجوز فيها ذلك.

أما إذا كانت الشركة شركة تأمين تعاونية، واتحد المؤمن مع المؤمن له، بأن اعتبر المستفيدون أعضاء في الشركة التعاونية، فإن الأمر يكون قد قام على التبرع الذي لا يؤثر فيه الغرر ولا تبطله الجهالة، وبذلك يكون تعاقدًا صحيحًا، تطبيقًا لما استقر عليه المجامع العلمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>