للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثالثًا: أن يكون له الحق في الحصول على مقابل انتفاع المشتري بالذات في حالة عدم البيع ونقتطف المقتطفات التالية نصها من السنهوري، هذه المقتصفات أعفيك منها.

هذه المسائل الفقهية:

المسألة الأولى: بيع بالتقسيط لا تنتقل فيه الملكية إلا بعد الوفاء بالأقساط، هذه المسألة مسألة مختلف فيها لوجود شرط غير ملائم للعقد، لأن الأصل في البيع أن يكون باتًّا، فتعليق البيع على هذا الشرط لا يوافق عليه أكثر العلماء، لأنه منافٍ لتمام الملكية التي ينبني عليها البيع، وفيه جهالة بالمال وهو يتخرج على الخلاف في الشروط، فتكون فيه ثلاثة أقوال: قول ببطلان البيع والشرط، وقول بصحة البيع وبطلان الشرط، وقول بصحة البيع وصحة الشرط، وهذه الأقوال كما هو معروف مبنية على اختلاف مواقف العلماء من أحاديث الشروط المعروفة: حديث جابر، حديث بريرة، حديث جابر الذي رواه مسلم في صحيحه مرة أخرى، حديث أبي هريرة: ((من باع بيعتين ...)) ، الحديث الذي أخرجه الخمسة وفيه: ((لايحل سلف وبيع...)) ، الحديث الذي رواه أبو حنيفة في مسنده ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط)) ، ورواه الطبراني مع زيادة: ((البيع باطل والشرط باطل)) .

ولاختلاف العلماء في كيفية الأخذ بهذه الأحاديث نشأ الخلاف في مسألة الشروط، فمنهم من أخذ ببعضها، ومنهم من حاول الجمع بينها، فذهب أبو حنيفة والشافعي إلى بطلان البيع والشرط، وأجاز ابن شبرمة البيع والشرط جميعًا، وأجاز ابن أبي ليلي البيع والشرط، وأجاز أحمد الشرط الواعد، هذه مذاهب باختصار شديد، أما مالك ففصل تفصيلًا وحاول الجمع بين الأخبار، ذكر ذلك ابن رشد في البيان والتحصيل، وذكر بعضه حفيده في بداية المجتهد، مؤداه أن الشرط الذي لا يناقض المقصود من العقد لا يبطله، إلا أنه مرة يكون مكروهًا ومرة يكون جائزًا، والشرط الذي يناقض المقصود تارة يلغيه دون العقد، وتارة يلغي العقد والشرط، وذلك بحسب مناقضة الشرط للعقد، فمرة يناقض أصل العقد مناقضة تامة، وتارة يناقض حكمًا من أحكام العقد أو شرطًا من شروطه لا يدخل في ماهيته، فلا يكون مبطلصا للعقد، وتفاصيل ذلك معروفة سترى بعضها في كلامنا على هذه المسألة وهي المعروفة عند المالكية بمسألة البيع على أنه إن لم يأتِ بالثمن لكذا فلا بيع، والمشهور في مذهب مالك إلغاء الشرط وصحة العقد، قال خليل في مختصره في سرد النظائر يصح فيه العقد ويبطل الشرط (كمشترط زكاة ما لم يطب وأن لا عهدة ولا مواضعة أو لا جائحة أو إن لم يأتِ بالثمن لكذا فلا بيع) ففي هذه المسائل يصح العقد ويبطل الشرط، إلا أن مسألتنا هي المسألة الأخيرة، وإن لم يأتِ بالثمن لكذا فلا بيع، فيها ثلاثة أقوال عن مالك، متخرجة على قاعدة الشروط السالفة الذكر، التي نقلها خليل في توضيحه عن ابن لبابة قائلًا: ذكر ابن لبابة عن مالك في هذه المسألة ثلاثة أقوال، إلى آخر الأقوال، وذكر الحطاب في التزاماته في هذه المسألة سبعة أقوال حصلها من كلام المدونة وشروحها ... إلا أن خليلًا في باب النكاح مشى على شطر آخر من قاعدة الشروط فحكم بفسخ العقد قبل الدخول، فقال في سرد النظائر، التي يكون الشرط فيها موجبًا لفسخ النكاح قبل الدخول: (وقبل الدخول وجوبًا على ألا تأتية إلا نهارًا وبخيار لأحدهما أو غيره وعلى أن لم يأتِ بالصداق لكذا فلا نكاح، وجاء به، وما فسد لصداقة أو على شرط يناقض، كأن لا يقسم لها أو يؤثر عليها أو ألغي) ذكر نص خليل على طوله، لأنه يشير إلى نوعين من الشروط: شروط لا تلائم العقد لأن الحكم يوجب خلافها، وهي المشار إليها في الفقرات الأولى، وشروط تناقض العقد وهي المشار إليها في الفقرة الأخيرة، ليتضح الأمر لا بد من الإشارة إلى القاعدة التي أصلوها، والتي تفرق بين الشرط الذي يوجب الحكم خلافه، إلا أنه لا ينقاض العقد، مشيرة إلى الخلاف في هذا النوع من الشروط، بخلاف ما يناقض العقد، بأن يهدم ركنًا من ماهيته، فإنه إما أن يبطل العقد أو يلغى دونه، وإلى هذه القاعدة أشار الزقاق في المنهج بقوله:

هل الشرط ما لا يقتضي الفسادا

إن خالف الحكم اعتبارًا فادا

إلى آخر كلام الزقاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>