للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودونك التفصيل:

* أولا: (كلية الاستصناع) لدى الحنفية. وهو (التعاقد على صنع شيء معين) (١) (١)

وعرفه الأستاذ الدكتور وهبه الزحيلي فقال: " هو عقد مع صانع على عمل شيء معين في الذمة " (٢) .

وينعقد بالإيجاب والقبول من المستصنع والصانع، ويقال للمشتري (مستصنع) وللبائع (صانع) وللشيء (مصنوع) والراجح لدى الحنفية أنه بيع لا وعد ولا إجارة، وأن المعقود عليه هو العين الموصى بصنعها لا عمل الصانع، ويجوز عند الحنفية استحسانًا لتعامل الناس وتعارفهم عليه في سائر الأعصار من غير نكير فكان إجماعًا منهم على الجواز، ويصح الاستصناع عند الجمهور، المالكية والشافعية والحنابلة على أساس عقد السَّلَم وعُرف الناس. ويشترط فيه لديهم ما يشترط في السلم، ويصح عند الشافعية سواء حدد فيه الأحل لتسليم الشيء المصنوع أم لا بأن كان حالا.

أما شروط الاستصناع عند الحنفية فأبرزها:

بيان جنس المصنوع وقدره وصفته لأنه مبيع، فلا بد من أن يكون معلوما، والعلم يحصل بذلك.

أن يكون مما يجري فيه التعامل بين الناس من أوان وأحذية وأمتعة الدواب ونحوها، ولا يجوز الاستصناع في الثياب لعدم تعامل الناس به، فإذا تعاملوا به وصار متعارفًا صح.

ألا يكون فيه أجل عند الإمام أبي حنيفة لأنه بتحديد الأجل انقلب سلمًا عنده، وقال الصاحبان ليس هذا بشرط، والعقد استصناع على كل حال حدد فيه أجل أم لم يحدد، لأن العادة جارية بتحديد الأجل في الاستصناع، ورجح الدكتور الزحيلي قول الصاحبين فقال: "ونرى أن قولهما هو المتمشي مع ظروف الحياة العملية فهو أولى بالأخذ " (١) (٣) .

والراجح في صفة عقد الاستصناع هو قول الإمام أبي يوسف بأن العقد لازم إذا رأى المستصنع المصنوع ولا خيار له إذا جاء موافقًا للطلب والشروط، لنه مبيع بمنزلة المسلم فيه فليس له خيار الرؤية لدفع الضرر عن الصانع، ورجح الدكتور الزحيلي هذا القول الذي أخذت به المجلة فقال: " وفي تقديرنا أن هذا الرأي الذي أخذت به المجلة سديد منعًا من وقوع المنازعات بين المتعاقدين ودفعًا للضرر عن الصانع "، ثم قال " ولأن هذا الرأي يتفق مع مبدأ القوة الملزمة للعقود بصفة عامة في الشريعة الإسلامية، ويتناسب مع الظروف الحديثة التي يتفق فيها على صناعة أشياء خطيرة وغالية الثمن جدًّا كالسفن والطائرات، فلا يعقل أن يكون عقد الاستصناع فيها غير لازم " (٢) (٤) .


(١) البدائع: ٥/٢، فتح القدير: ٥/٣٥٤ والفتاوى الهندية: ٤/٥٠٤، والفقه الإسلامي وأدلته: ٤/٢٤٣.
(٢) الفقه الإسلامي وأدلته: ٤/٦٣١ وما بعدها.
(٣) البدائع: ٥/٣، فتح القدير: ٥/٣٥٥، رد المحتار: ٤/٢٢٣، المبسوط: ١٢٩، والفقه الإسلامي وأدلته: ٤/٦٣٣.
(٤) المبسوط: ١٢/١٣٩، فتح القدير: ٥/٣٥٦، البدائع: ٥/٢١٠، رد المحتار: ٤/٢٢٣، والفقه الإسلامي وأدليته: ٤/٦٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>