للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبض لغةً واصطلاحًا

القبض لغةً مصدر: قبضه يقبضه قبضًا، وهو خلاف البسط، وفي أسماء الله تعالى: "القابض" أي هو الذي يمسك الرزق وغيره من الأشياء عن العباد وبلطفه وحكمته، ويقبض الأرواح عند الممات، ويقال: قبض المريض إذا توفي، وإذا أشرف على الموت، والقبض بمعنى الأخذ فيقال: قبضت مالي قبضًا، أي أخذته (١) ، وقال ابن منظور: وأصله في جناح الطائر، قال الله تعالى {وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ} [سورة الملك: الآية ١٩] .

وقبض الطائر جناحه: جمعه، وتقبضت الجلدة في النار: أي انزوت، والقُبْضة بالضم: ما قبضت عليه من شيء، يقال: أعطاه قُبضة من سويق أو تمر، أي كفًّا منه، وربما جاء بالفتح، ثم نقل عن الليث أن القبضة: ما أخذته بجمع كفك كله، فإذا كان بأصابعك فهي القبصة بالصاد، وقال ابن الأعرابي: القبض قبولك المتاع وإن لم تحوله، ثم قال ابن منظور: والقبض تحويلك المتاع إلى حيزك، والقبض: التناول للشيء بيدك ملامسة ...، وصار الشيء في قبضي وقبضتي أي في ملكي (٢) .

وخلاصة معانيه تدور حول: الإِمساك، وخلاف البسط، والموت، والأخذ، والجمع، وما أخذ باليد، وقبول المتاع وإن لم يحل إليه، وتحويل المتاع إلى الحيز، والتملك – ونحو ذلك.

وورد لفظ "قبض" ومشتقاته في القرآن الكريم تسع مرات منها قوله تعالى: {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا} [سورة الفرقان: الآية ٤٦] ، قال المفسرون: أي أخذنا الظل بطلوع الشمس، قبضًا يسيرًا أي سريعًا، أو سهلًا، أو خفيًّا (٣) ومنها قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} (٤) [سورة البقرة: الآية ٢٤٥] ، ومعنى القبض هنا خلاف البسط بدليل المقابلة، أي: يضيق على قوم، ويوسع على آخرين، فقال بعض المفسرين أي يقبض ويبسط في الرزق، وهذا قول الحسن، وابن زيد، وقال الزجاج يقبض الصدقات ويبسط في الجزاء. (٥) . وبالمعنى السابق جاء قوله تعالى: {وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} [سورة التوبة: الآية ٦٧] ، أي يمسكون أيديهم عن الإِنفاق في سبيل الله، أو عن كل خير، أو عن رفعها في الدعاء (٦)


(١) القاموس المحيط، والمصباح المنير، ومختار الصحاح، ولسان العرب: مادة "قبض".
(٢) لسان العرب، ط دار المعارف: ص ٣٥١٢ - ٣٥١٤.
(٣) تفسير الماوردي، ط. وزارة الأوقاف الكويتية: ٣/١٥٨.
(٤) راجع تفسير ابن عطية: ٢/٣٤٧، وتفسير الرازي: ٦/٢٦٨، وتفسير الماوردي: ١/٢٦٢
(٥) تفسير الماوردي: ١/٢٦٢، والمصادر السابقة.
(٦) تفسير الماوردي: ٢/١٥٠ والمصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>