للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حول اعتماد الحساب الفلكي

لتحديد بداية الشهور القمرية

هل يجوز شرعا أو لا يجوز؟

مصطفى أحمد الزرقاء

لا أجد في اختلاف آراء علماء الشريعة المعاصرين اختلافا يدعو إلى الاستغراب، بل إلى الدهشة أكثر من اختلافهم في جواز الاعتماد شرعا على الحساب الفلكي في تحديد أوائل الشهور القمرية، في عصر ارتاد علماؤه آفاق الفضاء الكوني، وأصبح من أصغر إنجازاتهم النزول على القمر ثم وضع أقمار صناعية في مدارات فلكية محددة حول الأرض لأغراض شتى علمية وعسكرية تجسسية، ثم القيام برحلات فضائية متنوعة الأهداف والخروج من مراكبها للسياحة في الفضاء خارج الغلاف الجوي الذي يغلف الأرض، وخارج نطاق الجاذبية الأرضية، وسحب بعض الأقمار الصناعية الدوارة لإصلاح ما يطرأ عليها من اختلال وهي في الفضاء ولتصحيح مدارها إذا انحرفت عنه.

وإذا كان الرصد الفلكي وحساباته في الزمن الماضي لم يكن له من الدقة والصدق ما يكفي للثقة به والتعويل عليه، فهل يصح أن ينسحب ذلك الحكم عليه إلى يومنا هذا؟ ولعل قائلا يقول: أن عدم قبول الاعتماد على الحساب الفلكي في تحديد أوائل الشهور القمرية ليبنى عليه ما يتعلق بها من عبارات في الإسلام ليس سببه الشك في صحة الحساب الفلكي ودقته، وإنما سببه أن الشريعة الإسلامية، بلسان رسولها - صلى الله عليه وسلم - قد ربطت ميلاد الأهلة وحلول الشهور القمرية بالرؤية البصرية وذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديثه الثابت المشهور عن ابن عمر - رضي الله عنهما - ((صوموا لرؤيته - أي الهلال - وأفطروا لرؤيته، فإذا غم عليكم فاقدروا له))

وفي رواية ثابتة أيضا: ((فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) .

وقد أخرج هذا الحديث البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: ((فإن غم عليكم فاقدروا ثلاثين)) ، وهي تفسير معنى التقدير الوارد في الرواية الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>