للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك نوع آخر للإيجاب وهو ذلك العرض الذي يتضمن قيدًا احترازيًّا يهدف إلى أن الموجب سيظل حرًّا في الالتزام بالعقد. وينبغي اعتبار هذا العرض عبارة عن (الدعوة إلى الإيجاب) ولا يمكن وصفه بأنه (إيجاب) في حقيقة الأمر. أما إذا قصد الموجب من وراء هذا القيد أن يحتفظ بحق خيار الرجوع عن الإيجاب ريثما يصل إليه خبر القبول وكان هذا المقصد يفهم من ذلك القيد صراحة، فتمتد مدة حق الرجوع عن الإيجاب إلى ما بعد صدور القبول خلافًا للقاعدة واستنادًا إلى اتفاق خاص (١) ولكن ليس من اليسير التوفيق بين هذا القيد وبين الفكرة الأساسية التي تعتمد عليها مؤسسة العقد، ولهذا فإن الطريقة السليمة هي اعتبار مثل هذا العرض (دعوة إلى الإيجاب) وليس (إيجابًا) كما أشار إلى ذلك عدد من الحقوقيين (٢) .

وقد نصت المادة (١٥) من اتفاق فيينا على أن الإيجاب يكون ساري المفعول ابتداء من وصوله إلى الخاطب، وأن الإيجاب يمكن سحبه-ولو كان إيجابًا غير قابل العدول عنه- بشرط أن يصل خبر السحب إلى المخاطب في نفس الوقت الذي وصل فيه الإيجاب أو قبله.

ونصت المادة (١٦) من الاتفاق نفسه على أن الإيجاب يمكن العدول عنه حتى ينعقد العقد وذلك بشرط أن يصل هذا العدول إلى المخاطب قبل إرساله للقبول. ومع ذلك فإن الإيجاب- حسب الفقرة الثانية من المادة- لا يجوز العدول عنه:

(أ) إذا انطوى الإيجاب على أنه غير قابل العدول عنه لصاحبه إما بتحديد مدة معينة للقبول وإما بطريقة أخرى.

(ب) إذا كان من المعقول أن يلاحظ المخاطب الإيجاب غير قابل العدول عنه وإذا قام بتنفيذ العقد.

٣-٢- القبول

لا نصادف باختلاف الحكم في التعاقد بين الحاضرين والتعاقد بين الغائبين من ناحية خيار القبول في الفقه الإسلامي، أي أن الطرف الموجب إليه الإيجاب مخير بين قبوله ورده.

وقد سبق أن أشرنا إليه في التعاقد بين الحاضرين أن الحالات التي تعد في إطار (القبول الضمني) لا ينبغي تصورها كان المخاطب أصبح ملزمًا بالقبول. ومن الواضح أن مثل هذه الحالات تجد مجالًا أوسع في التعاقد بين الغائبين.


(١) انظر FYZIOGLU، Borclar، ukuku vol.١، P.٨٢-٨٣
(٢) von Tuhr، Borclar، ukuku، (Edege trc) ، Istanbul، ١٩٥٢ ١/١٩١ نقلًا عن: FYZIOGLU، Borclar، ukuku vol.١، P.٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>