للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- نظرية استلام القبول:

راعت هذه النظرية موازنة مصالح الطرفين حيث أجلت انعقاد العقد وظهور آثاره إلى وقت استلام القبول ومنحت القابل فترة أطول نسبيًّا بالمقارنة مع النظرية السابقة، وكذلك لم تحكم بانعقاد العقد في حالة ضياع القبول في الطريق بهذا وسلكت مسلكًا يؤدي بالنزاعات والخلافات إلى حدها الأدنى.

وأهم محذور في هذه النظرية هو الصعوبة في تحديد وقت وصول خبر القبول، ويمكن الإشارة إلى قاعدة تمثل النقاط المشتركة لآراء ظهرت بخصوص هذه القضية وهي: أن المقصد من (الوصول) هو بلوغ خبر القبول إلى متناول يد الموجب وأن يكون الموجب في حالة تمكنه من الإطلاع على هذا الخبر كلما شاء، وليس المقصود من ذلك وصول عين الخبر إلى ذات الموجب، فالرسالة مثلًا إذا ألقيت في صندوق بريد الموجب فإن الوصول يكون قد تحقق من جراء ذلك.

٤- النظرية المختلطة:

إن هذه النظرية تعتمد على نظرية استلام القبول من زاوية وقت انعقاد العقد وتعتمد على نظرية تصدير القبول من زاوية سريان مفعول العقد - كما سبقت الإشارة إلى ذلك -، وقد استهدفت هذه النظرية إزالة محاذير النظريتين الآنفتي الإشارة.

وقد لا تعد هذه النظرية وجيهة باعتبار أنها تأخذ بمبدأ سريان مفعول العقد قبل وقت انعقاده مما ينافي المنطق. ولكن بعض التشريعات انحازت إلى هذه النظرية انطلاقًا من الفرضية التالية: إن العاقدين يريدان أن ينتج العقد آثاره في وقت مبكر بقدر الإمكان، وانطلاقًا من مبدأ توفير السرعة في المعاملات أي لتحقيق مصالح الطرفين المشتركة. ويلاحظ أن هذه النظرية سلكت مسلكًا يعدّ في صالح مبدأ الحفاظ على العقد (Favor Contractus) . لأن إثبات الإرسال أسهل بالنسبة إلى إثبات الوصول.

٥- نظرية العلم بالقبول:

توفر هذه النظرية إمكانية التأكد من انعقاد العقد، ولا تترك مجالًا للشك من هذه الناحية. ولكنها تحتمل إلى حد كبير سوء الاستعمال. لأن قبول انعقاد العقد يعد كأنه متروك إلى مشيئة الموجب.

ومن محاذير هذه النظرية أيضًا، الصعوبة في إثبات الاطلاع (على القبول) ووقته؛ والبطء في سير المعاملات (١)

* ترجيحنا

بما أننا أشرنا في بداية هذا العنوان إلى عدم صلاحية كل من نظريتي الإعلان والعلم لسدّ حاجات الطرفين وتحقيق مصالحهما مع اعترافنا باستناد كل منها إلى أساس منطقي رصين من الناحية النظرية، فإننا لن نتطرق إلى الحديث عنهما مرة أخرى.


(١) يراجع في هذا الموضوع: المراجع المذكورة في الهامش رقم ١١٤، ١١٥ من هذا البحث. وانظر أيضًا: SCHWARZ، Borclar، vol. ١، P.٢٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>