للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووصل الجشع ببعض الأزواج إلى حد الضغط على زوجاتهم لبيع إحدى كلاهن بثمن عال من اجل رفع مستوى معيشة الأسرة.. حتى أقارب المرضى بدأوا يطمعون في مقابل تبرعهم لمريضهم بإحدى كلاهم أن يتنازل عن قطعة أرض أو مصنع أو عقار ...

ويضيف الدكتور عبد الفتاح: أن الأطباء أصبحوا في حيرة من أمرهم.. هل ما يفعلونه حرام أم حلال، ويريدون من العلماء أن يقولوا رأيهم في المسألة؟

وكانت هناك إجابتان على هذه المسألة - الأولى من فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي.. فقد أفتى فضيلته بأنه لا يجوز إطلاقاً أن يتصرف الإنسان في جسده لا عن طريق التبرع ولا عن طريق البيع.. لأن التبرع بالشيء فرع للملكية فيه، فأنت تتبرع بما تملك أو بجزء منه، ولا تستطيع أن تتبرع بشيء لا تملكه والإنسان لا يملك ذاته " (١)

وحجة الشيخ الشعراوي هي قوله عز وجل: {أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ} (٢) من سورة يونس، وأن الإسلام حرم الانتحار على المسلم لأنه لا يملك نفسه.

والإجابة الثانية من فضيلة مفتي مصر الدكتور سيد الطنطاوي.. فقد قال فضيلته: اتفق الفقهاء على بطلان البيع والشراء بالنسبة لبدن الإنسان أو لأي عضو من أعضائه، لأن المالك الحقيقي هو الله خالقه عز وجل، والإنسان إنما هو أمين على هذا الجسد، ومأمور بأن يحافظ على هذه الأمانة بما يصلحها لا بما يفسدها.

ثم يضيف الدكتور الطنطاوي - مفتي مصر - "بأن هناك فريقاً من العلماء يرى جواز التبرع من الإنسان بعضو من أعضائه لإنسان آخر - بشروط، أهمها أن يصرح الطبيب الثقة بأن نقل هذا العضو من شخص لآخر لا يترتب عليه ضرر بليغ بالشخص المتبرع، وإنما تترتب عليه حياة الشخص المتبرع له، أو إنقاذه من مرض عضال - وأنا أميل إلى هذا الرأي الأخير القاتل بجواز التبرع ما دامت هناك ضرورة ملحة تدعو إليه وما دام الطبيب يحكم بأن نقل هذا العضو من الإنسان إلى المريض لن يضر المنقول منه ضرراً بليغاً، ولكنه يفيد المنقول إليه افادة كبيرة " (٣)


(١) مجلة "اللواء الإسلامي" في ٦/٢/١٩٧٧.
(٢) سورة يونس: الآية ٣١.
(٣) جريدة "عكاظ " في ٢٧/١/١٤٠٨ هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>