للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقيقة أنه، وكما أشار الكثيرون قبلي، فإن أحكام هذه المواضيع ستبقى اجتهادية في مجملها، نتيجة تقدم العلم اليوم ودهشة العلماء أنفسهم أمام النتائج التي توصلهم إليها تجاربهم من حين لآخر.. وهي نتائج لا بد من الإشادة بها، فهي مشرفة للتقدم الفكري للإنسانية بصفة عامة، إلا أنها مهما كانت سامية، فينبغي أن لا تكون حافزاً على محاولة إرغام المبادىء الإسلامية على تقبل كل آثارها، لأن العلماء أنفسهم أثناء تجاربهم لا تهمهم إلا الظاهرة العلمية البحتة، حتى إذا ما توصلوا إلى النتيجة تدخلت القواعد الأخلاقية والزجرية لمحاولة إمكانية الملاءمة بين الإخترإع وضوابط هذه القواعد التي أصبحت مع الأسف الشديد في كثير من المجتمعات اسما بدون مسمى، نظراً لاستخفاف إنسان اليوم بقيم أمس الدينية، والاجتماعية، وحتى الإنسانية.

وبناء على ذلك، فإن التقدم العلمي، إذا كان الإسلام حث عليه، وابتكر كثيراً من قواعده، وأمر بتدبر القرآن لاستخراج أحكام شريعة الله من هديه حسب استطاعة كل جيل، وذلك بقوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [الآية ٢٤ من سورة محمد] ، وقوله جل وعلا: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الآية ٨٥ من سورة الإسراء] ، وقوله جل جلاله: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الآية ١٠٩ من سورة الكهف] .

فالأولى حثت على طلب الفهم، واستخدام العقل لاستخراج ما يصلح به الإنسان دينه ودنياه من هذا الكتاب الذي جمع علم الأولين والآخرين بكل تطوراته، واختراعاته، ولكن ليس بمستطاع البشر مهما بلغ أن يحيط بكل معانيه.

والثانية توضح الواقع الذي ظلت الحياة تثبته، فكل أمة أو شعوب تواجدوا على البسيطة في فترة من فترات الحياة اكتشفوا سراً من أسرار الكون يبرز مظهراً من مظاهر عظمة الخالق، ما اهتدى إليه أسلافهم، ومن ثم أصبح المتداول من العلوم قليلاً إذا ما قيس بالخفي والمجهول منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>