للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب بعض الباحثين (١) . إلى جواز هذه العملية إذا كان الخيار فيها للمشتري، وشبهها ببيع العربون (٢) الذي أجازه الحنابلة معتمدين على قضاء عمر (٣) .

وبيع العربون مختلف فيه ولم يقل بصحته جمهور الفقهاء (٤) بناء على أنه من أكل أموال الناس بالباطل المنهي عنه بنصوص الآيات القرآنية: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨] .

واعتمادًا على نصّ خاص صريح بهذا الصدد وهو ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان)) (٥) إضافة إلى ما فيه من غرر، لأنه بمنزلة الخيار المجهول (٦) .

ومع قطع النظر عن هذا الخلاف الجاري في بيع العربان، فإن مسألتنا هذه تختلف عنه كثيرًا حيث قد يتم في بيع العربون تسليم المبيع، وجزء من الثمن بينما لا يتم في هذا النوع أي تسلم للمعقود عليه لا الثمن ولا المثمن إلَّا في فترة يتفق عليها المتعاقدان، ومن هنا فلا يدخل في بيع العربون، بل أعتقد أن قياسه عليه قياس مع الفارق، ناهيك عن هذا النوع من البيوع الآجلة قد يتم على معقود عليه لم يتحقق بعد، أما أن السوق (البورصة) لا تشترط وجود المعقود عليه أثناء العقد، وإنما المطلوب تحققه عند حلول المدة، أو دفع التعويض.

أما إذا كان الخيار للبائع فإنه لا يجوز لما سبق، حتى عند الباحث السابق لكنه ذكر أن السبب يعود إلى أنه حينئذ يدخل في صفقتين في صفقة واحدة (٧) .


(١) د. محمد عبد الغفار بحثه السابق.
(٢) بيع العربون، أو العربان هو أن يشتري الرجل شيئًا بمبلغ معين فيعطيه جزءًا منه (مثل دينار) عربونًا، ويقول: إن أخذته، وإلاَّ فالدينار – مثلًا – لك. انظر: سنن ابن ماجه: ٢/٧٣٩؛ والمغني: ٤/٢٥٦.
(٣) المغني، لابن قدامة: ٤/٢٥٦.
(٤) يراجع: الفتاوى الهندية: ٣/١٣٣ وما بعده؛ وشرح الخرشي: ٥/٧٨؛ وحاشية الجمل على المنهج: ٣/٧٢؛ والمغني، لابن قدامة: ٤/٢٥٦ – ٢٥٧.
(٥) الحديث رواه أبو داود في سننه، كتاب البيوع: ٩/٣٩٨ –٤٠٠؛ وابن ماجه في سننه: ٢/٧٣٨؛ ومالك في الموطأ: ص٣٧٧.
(٦) يراجع لتفصيل أدلة الفريقين: المغني، لابن قدامة: ٤/٢٥٦ – ٢٥٧؛ والمصادر الفقهية السابقة.
(٧) المرجع السابق: ص٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>