للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر شيء من فضائل الحجر الأسود وما جاء في كونه من الجنة]

روينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الحجر والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما، ولولا أن طُمس نورهما لأضاءا ما بين المشرق والمغرب" ١ أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والترمذي في جامعه، وقال: حديث غريب.

ونقل السهيلي عن الترمذي هذا الحديث إلا أنه قال فيه: "إن الركن الأسود والركن اليماني ياقوتتان" وذكر بقية الحديث بالمعنى، وما نقله السهيلي من أن في هذا الحديث والركن اليماني غير معروف، والمعروف فيه: الحجر الأسود والمقام، ولعل ذلك من السهيلي سَبَقُ قَلم، وقد رأيت ما نقلناه عنه في غير نسخة من تأليفه، قال بعد ذكره لهذا الحديث: وفي رواية غيره ولإبراء من استلمهما من الخرس والجذام والبرص ... انتهى.

وروينا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن، فسودته خطايا بني آدم" أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح٢.

وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الحجر الأسود من الجنة" أخرجه النسائي٣.

وروينا عن ابن عباس رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لولا ما طبع الله من الركن من أنجاس الجاهلية وأرجاسها لاشتفي به من كل عاهة، ولألفاه كهيئته يوم خلقه الله تعالى، وإنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة، وإنها لياقوتة بيضاء من ياقوت الجنة" ٤.

قلت: ذكر شيخنا بالإجازة الإمام بدر الدين أحمد بن محمد المعروف بابن الصاحب المقرئ في كون الحجر الأسود من ياقوت الجنة دون غيره من جواهرها حكمة حسنة، لأنه قال فيما أنبأنا به: فإن قلت ما الحكمة في كونه من ياقوتها ولم يكن من غيره من جواهرها؟ قلت: له سر غريب نبهت عليه في كتاب "الرموز" في كشف أغطية الكئوس" وأنا ضنين بذلك، ولكن ألوح بشيء هنا من قشوره، وذلك أن الشمس في الفلك الرابع المتوسط.

لو لم يكن وسط الأشياء أحسنها ... ما اختارت الشمس من أفلاكها الوسطى

وهي الممتدة لما فوقها وما تحتها من الأفلاك والمعدة في الفلك الرابع من الأنفس، وهي الممتدة لما فوقها وتحتها ويقصرها على النار، ولهذا قال: رسول


١ أخرجه: ابن حبان "٣٧١٠"، الحاكم "١٦٧٩".
٢ أخرجه الترمذي "٨٧٧"، وأحمد "١/ ٣٠٧، ٣٢٩، والبيهقي في الشعب "٤٠٣٤".
٣ أخرجه النسائي ٥/ ٢٢٦، وابن خزيمة ٤/ ٢٢٠، والحديث إسناده حسن.
٤ أخبار مكة للأزرقي ١/ ٣٢٣، القرى "ص: ٢٩٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>