للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممن عمره بعد ذلك: الشريف راجح الحسني، وبيضه في عصرنا من نحو ثمان سنين صاحب مكة الشريف حسن بن عجلان، بياضه الذي هو به الآن، ورفع أبوابه لصونه عن الغنم وشبهها، أثابهم الله تعالى.

فهذه الأماكن المباركة بمكة وحرمها وقربه المعروفة الآن بالمساجد. وقد ذكر الأزرقي مساجد أُخَر لا يعرف موضعها الآن، وذكرنا كلامه في أصل هذا الكتاب.

ذكر المواضع المباركة بمكة المشرفة المعروفة بالمواليد:

هذه المواضع هي مساجد وإنما هي معروفة عند الناس بالمواليد، ولذلك أفردناها عن المساجد بالذكر. فمنها: الموضع الذي يقال له: مولد النبي صلى الله عليه وسلم بالموضع الذي يقال له سوق الليل، وهو مشهور عند أهل مكة، وذكر الأزرقي أن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه أخذه لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يزل بيده ويد ولده حتى باعه بعضهم من محمد بن يوسف أخي الحجاج بن يوسف الثقفي، فأدخله في داره التي يقال لها: دار البيضاء: ولم يزل هذا البيت في هذه الدار حتى حجت الخيزران أم الخليفتين موسى، وهارون فجعلته مسجدا يصلى فيه، وأخرجته من الدار، وشرعته إلى الزقاق الذي في أصل تلك الدار١ ... انتهى.

وذكر السهيلي رحمه الله ما يستغرب في تعيين الموضع الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم وفيمن بناه، لأنه قال: وولد في الشعب، وقيل: بالدار التي عند الصفا، وكانت بيد محمد بن يوسف أخي الحجاج. ثم بنتها زبيدة مسجدا حين حجت٢ ... انتهى.

وذكر الحافظ علاء الدين مغلطاي في "سيرته" ما يستغرب أيضا في تعيين الموضع الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه قال فيما أنبئت به عنه: ولد بمكة، ثم قال: في الدار التي كانت لمحمد بن يوسف أخي الحجاج بن يوسف. ويقال: بالشعب. ويقال: بالردم، ويقال: بعسفان ... انتهى.

والمستغرب من ذلك ما قيل من أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد بالردم، وقيل: بعسفان. والقول بأنه ولد بالردم رواه أبو حفص بن شاهين في "الناسخ والمنسوخ"، لأنه قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن السكن، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا يعلى بن الأشدق، عن عبد الله بن جراد، قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالردم، وختن بالردم، واستبعث من الردم، وحمل من الردم.


١ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ١٩٨، القرى "ص: ٦٦٤"، أخبار مكة للفاكهي "٤م ٥٠.
٢ الروض الأنف "١/ ١٨٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>