للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما جاء في فضل منى وما ذكر فيها من الآيات]

أما فضل منى فمشهور، ولم نذكره إلا للتبرك به، وقد تقدم منه ما ذكرناه عند ذكر مسجد الخيف، ومنه ما رويناه في "صحيح ابن حبان" وغيره من حديث عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنت بين الأخشبين من منى -ونفخ بيده نحو المشرق- فإن هناك واديا يقال له: وادي السرر، به سرحة سر تحتها سبعون نبيا" ... انتهى باختصار.

قال المحب الطبري بعد أن أخرج هذا الحديث: شرح قوله: سرر تحتها أي قطعت سررهم، والسرر ما تقطعه القابلة من المولود، والباقي مع القطع يقال له السرة، والمقطوع السَّرر والسُّرر، والمراد أنهم ولدوا تحت تلك السرحة، والموضع الذي هي فيه يسمى وادي السرر بضم السين، وقيل بفتحها وقيل بكسرها، والراء مفتوحة في الأحوال الثلاثة١ ... انتهى.

ولم يبين المحب موضع هذا الوادي وما عرفته أنا أيضا، وأخشبا منى: الجبلان اللذان هما بينهما، وهما ثبير الذي على يسار الذاهب إلى عرفة وما يليها، والصفائح وهو الذي يلحقه مسجد الخيف.

وأما الآيات التي بمنى فخمس آيات منها: رفع ما يقبل من حصى الجمار بمنى، ولولا ذلك لسد ما بين الجبلين. وقد روينا في رفع المتقبل من ذلك أخبار، منها ما رويناه بالسند المتقدم إلى الأزرقي قال: حدثني جدي قال: حدثنا يحيى بن سليم عن ابن خثيم عن أبي الطفيل قال: قلت له يا أبا الطفيل هذه الجمار ترمى في الجاهلية والإسلام كيف لا يكون هضابا يسد الطريق؟! قال: سألت عنها ابن عباس فقال: إن الله عز وجل وكل بها ملكا، فما يقبل منه رفع، وما لم يتقبل منه ترك٢، ورويناه في تاريخ الأزرقي في رفع ما يقبل من حصى الجمار عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري.

وقال المحب الطبري في "شرح التنبيه": وقد أخبرني شيخنا أبو النعمان بشير بن أبي بكر حامد التبريزي شيخ الحرم الشريف ومفتيه أنه شاهد ارتفاع الحجر عيانا، واستدل المحب على صحة ذلك، وذكرنا كلامه في أصل هذا الكتاب، وذكر هذه الآية شيخنا القاضي مجد الدين قال: وقد خمنت مرة فاقتضى قياس العقل والحساب وعدد السنين


١ القرى "ص: ٥٤٠".
٢ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ١٧٦، ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>