للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتضيف التربية الإسلامية عاملا آخر لأهمية تنمية القدرات التسخيرية، وإخراج

الإنسان العلمي والمجتمع العلمي والبشرية العلمية. وهذه الأهمية هدفها أن يصبح العلم زادا شعبيا يتزود به العامة، والخاصة لبلوغ درجة اليقين الإيماني. فالعلم والتفكير العلمي هما دعامتا الإيمان وبرهانه الساطع. وحين يشيع العلم وينتشر تتكشف المعجزات الإيمانية في الآفاق، والأنفس كما وعد الله تعالى:

{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: ٥٣] .

بل إن الإشارة واضحة إلى أن المقصود بالعلماء، الذين يخشون الله هم العلماء المختصون بالعلوم الطبيعية كعلم النبات والجيولوجيا والطب، وعلم الإحياء والسلالات والعلوم الاجتماعية، الذين يديمون البحث والنظر في عناصر الكون وظواهر الاجتماع وحركة التاريخ. فالآية التي أثبتت صفة الخشية للعلماء جاءت بعد تقديم لمظاهر الكون، وعناصر الوجود الحي القائم:

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ، وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: ٢٧، ٢٨] .

فالرسالة الإسلامية جاءت لتطور معجزات الرسالات بما يناسب الطور الجديد الذي دخلته البشرية. فلم تعد معجزة الرسالة الإلهية ناقة تولد من صخرة، أو عصا تنقلب إلى حية تسعى، أو أكمه تبرئه مسحة يد، وما يشبه ذلك من المعجزات الصغيرة المفردة، المحدودة بحياة الرسول الذي يجيء بها، المحسوسة التي توافق الطفولة والمراهقة الفكرية للإنسانية، وإنما صارت المعجزة رسوخا في العلم بنشأة عوالم الكون، والحياة وتكوينها وتطورها، وصار حجمها يملأ الكون القائم، وتخطت حدود الزمان

<<  <   >  >>