للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أهمية الرسالة في وجود الأمة]

للرسالة أهمية رئيسة في نشأة الأمم وتكوينها ومصيرها. وتبدو هذه الأمية في الأمور التالية:

الأمر الأول، تتقرر مكانة الأمة بين الأمم على المستوى العالمي بمقدار ما تقدمه من عطاء حضاري للآخرين. وهذا العطاء هو الرسالة التي تحملها الأمة بين الأمة الأخرى، وتضع في خدمتها كافة إمكاناتها البشرية والمادية والمعنوية، وهو ما يسميه المؤرخ البريطاني -توينبي Toynbee- الأناقة الحضارية.

والأمر الثاني، إن هذا العطاء الحضاري هو الضامن لبقاء الأمم واستمرارها. ذلك أن الأمة التي تتوقف عن العطاء تبدأ بالأخذ. والأخذ الذي لا يرافقه عطاء متبادل سبب من أسباب الذوبان وفناء الأمم، ولكنه فناء بطيء لا يراه إلا العارفون بقوانين الاجتماع البشري وسنن التاريخ؛ ولأنه يتم على مراحل تستغرق كل مرحلة منها جيلين أو ثلاثة.

ففي المرحلة الأولى تأخذ الأمة الأشياء المادية كالمنتجات الصناعية والحربية. وفي المرحلة الثانية تأخذ الأمة العادات المادية كأشكال اللباس، والأثاث وأشكال الطعام.

وفي المرحلة الثالثة تأخذ الأمة المظاهر الثقافية كاللغات، ونظم الإدارة والنظم الدبلوماسية والعلاقات الاجتماعية، والفنون وأشكال الترويح.

وفي المرحلة الرابعة تأخذ الأمة القيم والمقاييس الاجتماعية، والأخلاقية.

<<  <   >  >>