للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: ٧١] .

فالمؤمنون والمؤمنات يتولون إيواء بعضهم بعضا، ونصرة بعضهم بعضا، ويأمن بعضهم بعضا في ميادين الحياة المختلفة ابتداء من الأسرة، ومرورا بالجوار في الحي والتعايش في المهجر، والجهاد في الدائرة الإنسانية الكبرى. ومن هذه الموالاة تتحدد -كما مر- مفاهيم الولاية ابتداء من ولاة الأسر، ومرورا بولاة الأقاليم وأولي الأمر من العلماء والرؤساء والخلفاء، وولاة العمل إلى جميع المسئوليات والوظائف والمهن كبرت أم صغرت.

والدرجة الرابعة، ولاية أولي الأرحام من المؤمنين: وإلى هذه الدرجة كانت الإشارة بأمثال قوله تعالى:

{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} [الأحزاب: ٦] .

فأولوا الأرحام وذوي القربى في "أمة" المؤمنين يقومون بتولي أمور بعضهم بعضا في شئون الحياة كلها.

وتقدم مصادر التربية الإسلامية -في القرآن والسنة- تفاصيل دقيقة لأشكال -الولاية والولاء- الواجب تطبيقها في كل درجة من الدرجات الأربع المشار إليها بحيث تشمل جميع مظاهر السلوك، وتطبعها بطابعها. ففي درجتي ولاية الله للمؤمنين، وولاية الرسل والمؤمنين تتميز أشكال الولاية بسلوك المحبة، والإخلاص والإحسان والصدق، وفي درجة ولاية المؤمنين للمؤمنين تتميز أشكال السلوك بالإيثار والأخوة، وفي درجة ولاية أولي الرحم من المؤمنين تتميز أشكال السلوك بالمودة والتراحم. وبذلك تتجسد عناصر الأمة الخمسة من الإيمان، والهجرة، والجهاد والرسالة، والإيواء، والنصرة في واقع اجتماعي حي يشكل في مجموعة الأمة المسلمة.

وتتحمل التربية الإسلامية مسئولية كبيرة في تنظيم مناهجها، وطرائقها لتجسيد هذه الدرجات من الولاية في أنشطة، وممارسات تربوية حسب دوائر التفاعل الإنساني في هذه الدرجات، وبذلك يتهيأ الفرد المسلم والجماعة المسلمة لممارسة هذه الولاية المميزة للأمة الإسلامية.

<<  <   >  >>