للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد لخص الرسول -صلى الله عليه وسلم- مظاهر الشح التي تقدمت عند قوله:

"إياكم والشح فإنما هلك من قبلكم بالشح: أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالبخل فبحلوا، وأمرهم بالفجور ففجروا" ١.

٢- اتباع الهوى:

المحور الذي يدور حول -الهوى- هو مجانبة العدل في السلوك والتفكير والشعور، ثم الانطلاق في ذلك كله من الحمية العصبية والشهوات النفسية. ويذكر الرازي في تفسيره أن الله وضع الهوى في مقابل العدل عند قوله تعالى: {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} [النساء: ١٣٥] . ثم يعلق على ذلك فيقول:

"المعنى اتركوا متابعة الهوى حتى تصيروا موصوفين بالعدل. وتحقيق الكلام أن العدل عبارة عن ترك الهوى. ومن ترك أحد النقيضين فقد حصل له الآخر. فتقدير الآية: {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} "٢.

ومن تحليل الآيات والأحاديث التي عالجت -الهوى الصفة الثانية للأمة الميتة -يتضح أنه يتمثل فيما يلي:

أ- الظلم، فالذين يمارسون الظلم إنما يقترفونه بسبب الهوى، تلبية لحمية عصبية أو شهوة نفسية. كما إن المظلومين الذين يخنعون أمام الظالم، ويرضون بظلمه إنما يفعلون ذلك بسبب الهوى. ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيت أمتي لا يقولون للظالم منهم أنت الظالم فقد تودع منها" ٣.

فالأمة الميتة تسكت أمام سياسات الظلم وتطبيقاته في الاجتماع


١ نفس المصدر، ص١١٥ نقلا عن الحاكم، ومثله أبو داود، والمنذري في الترغيب والترهيب، جـ٣، ص١٥٨.
٢ الرازي، التفسير، جـ١١، ص٧٤ "تفسير آية ١٣٥ سورة النساء".
٣ مسند أحمد، تصنيف الساعاتي"، جـ١٩، ص١٧٥.

<<  <   >  >>