للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الإرادة، فهي توجه رغبات الفرد نحو هدف معين. وهي أيضا مما يميز الإنسان عن المخلوقات الأخرى. وتكون الإرادة سليمة حين تتوجه رغبات الفرد نحو حاجاته الأساسية والعليا بالقدر، والأسلوب اللذين يجلبان له النفع ويدفعان عنه الضرر في حياته ومصيره. وتطلق مصادر التربية الإسلامية -في القرآن والسنة- على نماذج الحاجات الجالبة للإنسان ما ينفعه، والدافعة عنه ما يضره في حياته، وآخرته اسم "المثل الأعلى".

والإرادة هي ثمرة التزواج بين القدرات العقلية، والمثل الأعلى المشار إليه. أي أن -الإرادة- تولد من خلال النظر السليم في مستويات المثل الأعلى التي تتضمن نماذج الحاجات، التي تجلب للإنسان النفع وتدفع عنه الضرر وتأخذ بيده في مدارج البقاء والرقي١.

من ذلك كله يمكن القول أن "العمل الصالح" الذي هو سمة الفرد الصالح هو ثمرة عدد معين من العمليات التربوية، التي تتكامل حسب نسق معين يمكن أن نوجزة في المعادلات التالية:

العمل الصالح = القدرة التسخيرية + الإرادة العازمة.

الإرادة العازمة = القدرات العقلية الناضجة + المثل الأعلى.

القدرة التسخيرية = القدرات العقلية الناضجة + الخبرات الدينية والاجتماعية والكونية المربية.

وجميع هذه العناصر التي تشتمل عليها المعادلات المذكورة أعلاه تنمو، وتنضج بالتربية والإعداد الخاص، وإحكام تنميتها ثم المزواجة بينها طبقا


١ البقاء والرقي: هما المقاصد النهائية للتربية. والمقصود بالبقاء: البقاء الآمن المعافى في الدنيا والآخرة. أما الرقي ماديا ومعنويا، ويبلغ قمته في تحقيق العبودية لله وحده، والتحرر من عبودية الأشخاص والأشياء.

<<  <   >  >>