للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشخصيات في سلم "الحكمة" النظرية والعملية، وتدريبها على مهارات "العمل الجماعي"، والتنسيق والتكامل بين أصحاب القدرات، والمهارات المختلفة. وليست الفوارق الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية، والإدارية والسياسية، إلا بعض مضاعفات الفارق القائم بين نظم التربية ومؤسساتها وطرقها في تنمية مكونات العمل أو مقومات الشخصية وتوجيهها.

فالمجتمعات التي توصف بالتقدم، تتغير أحوالها السياسية والاقتصادية، والعلمية والعسكرية والإدارية بطريقة أفضل مما يقابلها في المجتمعات التي توصف بالتخلف؛ لأن مؤسسات تغيير ما بالأنفس، والمشتغلين بتغيير ما بالأنفس في الأولى، أعلى قدرات ومهارات من نظائرهم في الثانية؛ ولأن القيم العلمية السائدة فيها أرقى من نظائرها في المجتمعات التي توصف بالتخلف. ولعل مثالا واحدا يوضح لنا التقرير المشار إليه. ففي المجتمعات التي توصف بالتقدم تنبع قيم حرية التعبير والاختيار، والتفكير من المؤسسات التربوية، حيث يعطي المربون حرية التفكير والاختيار، والتعبير كاملة لتلاميذهم وطلابهم، ويتعاملون بها مع أقرانهم، أما في مجتمعات العالم الثالث -ومنه المجتمعات العربية والإسلامية- فجميع شرور القهر والتسلط، وكبت الحريات تنبع -ابتداء- من المؤسسات التربوية. وجمعينا يخبر البيروقراطية القبلية في مؤسسات التربية، وجميعنا ذاق ويعرف أساليب القهر، والإلزام السلطوي، والأسلوب المفروض في التفكير والتلقي والاستظهار، والتعبير والامتحان، الذي يمارسه المعلمون إزاء المتعلمين ابتداء من المستوى الابتدائي -بل قبل الابتدائي- حتى المستوى الجامعي. فالمؤسسات التربوية في مجتمعات العالم الثالث ما زالت نظام القيم التربوية فيها يقوم على "القوة فوق الفكرة" شأنها شأن المؤسسات الأخرى في هذه المجتمعات.

والتوصية الثانية، إقامة "مختبر التطبيقات التربوية" اللازم لتجريب الأفكار، والتصورات التي يفرزها مجتهدو مؤسسة التنظير التربوي المقترحة

<<  <   >  >>