للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا ما حصل للأمة الإسلامية خلا عصور التحول من -"الخلافة الراشدة"- إلى "الملك الجبري"، ثم إلى عصر "الملك العضوض" حتى انتهت إلى ما هو قائم في واقع المسلمين المعاصرين الذين حفظهم الإسلام، وليسوا هم الذين حفظوه.

وقد يساء فهم هذه الظاهرة -ظاهرة تخلف المسلمين- فلا ينسب هذا التخلف إلى عجز نظم التربية والتوجيه، والإدارة القائمة في العالم الإسلامي عن بلورة "المثل الأعلى" الحق وتطبيقه، ولا ينسب -كذلك- إلى نوع المشتغلين بهذه المسئوليات، بل يظن أن السبب هو الإسلام نفسه. ومثل هذا الظن يوقع في البلبلة الفكرية والتخبط، ويدفع كثيرًا من أبناء المجتمعات الإسلامية إلى البحث عن "مثل أعلى" آخر بين المذاهب الفكرية، والفلسفات الأخرى خاصة إذا كانت هذه المذاهب من النوع الثالث الذي سيتلو شرحه أي: مثل أعلى باطل وتطبيق جيد.

جـ- مثل أعلى باطل وتطبيق جيد:

وهذا يعطي نسبة عالية من النتائج. ومن أمثلته -المثل الأعلى- الذي طرحته بعض الفرق المتطرفة في التاريخ الإسلامي كالباطنية والحشاشين الذين استطاعوا إقامة الفاطمية، وتحديها للخلافة العباسية لقرون.

ومثله خارج إطار الحضارة الإسلامية ما حصل في العصر الحديث في أقطار كاليابان، وألمانيا وروسيا قبل الحرب العالمية الثانية. فقد استطاعت نظم التربية ومؤسسات التوجيه فيها بالتطبيق الجيد أن ترفع إرادة شعوبها إلى درجة بذل النفس، والمال في سبيل خدمة مثلها الأعلى والذي دار محتواه حول رفعة جنس بشري معين، أو طبقة معينة واستعلائها على الأجناس الأخرى. وكما حصل في الصين بعد الحرب العالمية الثانية. وكما هو قائم في الأقطار المعاصرة التي توصف بالتقدم والتفوق في القارتين الأوربية والأمريكية.

<<  <   >  >>