للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التاريخي منها والوصفي والتجريبي، ويعني اختيار المشكلة اختيار موضوع البحث، أي طرح مشكلة تتعلق بالماضي كون لها أهمية واقعية وقيمة وجودية، والباحث الأصيل هو الذي يعرف كيف يختار المشكلة الحقيقية، ولقد كان المؤرخ التربوي الإنكليزي "اللورد أكتون" يوصي طلابه بجامعة كمبردج بقوله: "ادرسوا مشكلات لا فترات زمنية".

إن المشكلة المطروحة يجب أن تنطلق من المبادرة الذاتية للباحث التاريخي، وتنبثق من فضوله العلمي الخاص وأن تكون جديدة في عنوانها ومضمونها، تضيف جديدا إلى المعرفة التاريخية، أكان في ميدان التوثيق أو في مجال التركيب، وقد يعيد بعض الباحثين موضوعات طرحت سابقا، إذا وجدت أصول تاريخية جديدة تسوغ إعادة بحث الموضوع من جديد، وإسقاط أضواء جديدة على بعض مناحيه، وأن تكون المشكلة بقدر طاقة الباحث على العمل ومدى قدرته على الحصول على الأصول الضرورية، وأن تكون هذه الأصول قادرة على تقديم ما يوضح المشكلة ويحلها، وأن تكون المشكلة بعيدة ما لا يقل خمسين عاما عن زمن الباحث١، وقد يدفع الباحث للمشكلة دفعا نتيجة الصدفة وهذا كثير في التاريخ القديم، حيث الوثائق نادرة.

عند تعيين الباحث لمشكلة بحثه يكون في أحد وضعين إما أن المشكلة انبثقت في ذهنه واتضحت إحداها وعندئذ تم تحديدها بيسر أو أن يكون خالي الذهن عنها، أو أن الغموض يكتنفها في فكره، حينئذ يلجأ إلى القراءة والمطالعة، ليكون خلفية ثقافية يحدد عليها موقع المشكلة، ويقوم ببحث عام أولى عن مصادر المشكلة، ويلجأ بالاستفسار ممن لهم خلفية عن هذه المشكلة، ومن ثم يضع مخططا أوليا للنقاط التي سوف يعالجها بالبحث والدراسة وبهذا يتكون هيكل الموضوع وعنوانه.

- جمع الحقائق والوثائق وتدوينها:

إن وسيلة الإجابة على المشكلة هي جمع المصادر، وهي أهم أعمال المؤرخ، ويطلق


١ يقوم عدد من المؤرخين ببحث القضايا المحيطة بهم، وقد يقدمون خلالها وثائق حتمية وأبحاثا مجدية وموضوعية.

<<  <   >  >>