للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: التفكير العلمي وخصائصه]

التفكير العلمي هو كل دراسة تعتمد منهج الملاحظة الحسية والتجربة العملية إن كانت ممكنة، وتتناول الظاهرات الجزئية في عالم الحس، وتستهدف وضع قوانين لتفسيرها بالكشف عن العلاقات التي تربط بينها وبين غيرها من الظاهرات، وصياغة هذه القوانين في رموز رياضية، وذلك للسيطرة على الطبيعة والإفادة من مواردها وتسخير ظاهراتها لخدمة الإنسان في حياته الدنيا، وأهم خصائص التفكير العلمي:

١- التخلي عن المعلومات السابقة: أي أن يقف الباحث من موضوع بحثه موقف الجاهل، أو أن يتجاهل كل ما يعرفه عنه، حتى لا يتأثر أثناء بحثه بمعلومات سابقة، يحتمل أن تكون خاطئة، فتقوده إلى الضلال، وقد حرص على التنبيه إلى هذا واضعو مناهج البحث العلمي من الغربيين منذ مطلع العصور الحديثة، ومن هؤلاء فرنسيس بيكون "ت ١٠٣٦هـ/ ١٦٢٦م"، واضع أصول المنهج العلمي١، وقد مهد لمنهجه التجريبي في كتابه "الأدلة الجديدة" "Novum organum" بجانب سلبي أوصى فيه الباحث بتظهير عقله قبل أن يبدأ بحثه من كل ما يقود إلى الخطأ، ويعوق قدرته على التوصل إلى الحقائق، وإلى مثل ذلك ذهب ديكارت "١٠٦٠-١٠٦١هـ/ ١٦٥٠م" في كتابه "التأملات في الفلسفة" الأولى "moditations Metaphiseques" ومبادئ الفلسفة "Les principes de la Philosophie" فكان يوجب على الباحث أن يطهر عقله من المعلومات السابقة عن طريق الشك المنهجي إمعانا في النزاهة وزاد في كتابه "مقال عن المنهج" "Discoures de la Methode" فأوجب على الباحث في القاعدة الأولى من منهجه أن يتحرر من كل سلطة إلا سلطة عقله.


١ بين روجر بيكون داعية الطريقة العلمية التجريبية وفرنسيس بيكون فيلسوف هذه الطريقة قرابة ثلاثة قرون ونصف قرون، فيها انتقل العالم الأوروبي من العصور الوسطى المظلمة إلى عصر ما يسمى الثورة العلمية، وهي باكورة العصور الحديثة التي تخلق فيها الفكر المعاصر "سعيدان. ص١٠١".

<<  <   >  >>