للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضٍ، وَلَا يَقِفُ فِي طَرِيقِ بَعْضٍ. وَكَذَلِكَ لَوَامِعُ أَنْوَارِهِ وَأَعْظَمُ مَا يَجِدُ هَذَا الْوَجْدَ: عِنْدَ اسْتِغْرَاقِهِ فِي تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ. وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِحَسَبِ اسْتِعْدَادِهِ وَأَهْلِيَّتِهِ لِلْفَهْمِ. وَنِسْبَةُ مَا دُونَ ذَلِكَ إِلَيْهِ: كَتَفْلَةٍ فِي بَحْرٍ.

[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هَيَمَانٌ عِنْدَ الْوُقُوعِ فِي عَيْنِ الْقِدَمِ وَمُعَايَنَةِ سُلْطَانِ الْأَزَلِ]

فَصْلٌ

قَالَ: الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ: هَيَمَانٌ عِنْدَ الْوُقُوعِ فِي عَيْنِ الْقِدَمِ، وَمُعَايَنَةِ سُلْطَانِ الْأَزَلِ، وَالْغَرَقِ فِي بَحْرِ الْكَشْفِ.

يُرِيدُ: هَيَمَانَ الْفَنَاءِ. وَالْوُقُوعُ فِي عَيْنِ الْقِدَمِ إِنَّمَا يَكُونُ بِاضْمِحْلَالِ الرَّسْمِ وَفَنَائِهِ فِي شُهُودِ الْقِدَمِ. فَإِنَّهُ يَفْنَى مَنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُودًا. وَيَبْقَى مَنْ لَمْ يَزَلْ. وَكَذَلِكَ مُعَايَنَةُ سُلْطَانِ الْأَزَلِ لَا يَبْقَى مَعَهَا مُعَايَنَةُ رُسُومِ الْكَائِنَاتِ وَأَطْلَالِ الْحَادِثَاتِ.

وَأَمَّا بَحْرُ الْكَشْفِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ: فَهُوَ انْكِشَافُ الْحَقِيقَةِ لِعَيْنِ الْقَلْبِ. وَلَا تَعْتَقِدْ أَنَّ لِلسَّالِكِ وَرَاءَ مَقَامِ الْإِحْسَانِ شَيْئًا أَعْلَى مِنْهُ. بَلِ الْإِحْسَانُ مَرَاتِبُ. وَأَمَّا الْكَشْفُ الْحَقِيقِيُّ لِلْحَقِيقَةِ: فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ فِي الدُّنْيَا أَلْبَتَّةَ.

وَالْقَوْمُ يَلُوُحُ لِأَحَدِهِمْ أَنْوَارٌ هِيَ ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ وَمُعَامَلَاتُ الْقُلُوبِ، وَآثَارُ الْأَحْوَالِ الصَّادِقَةِ فَيَظُنُّونَهَا نُورَ الْحَقِيقَةِ. وَلَا يَأْخُذُهُمْ فِي ذَلِكَ لَوْمَةُ لَائِمٍ. وَإِنَّمَا هِيَ أَنْوَارٌ فِي بَوَاطِنِهِمْ لَيْسَ إِلَّا، وَبَابُ الْعِصْمَةِ مِنْ غَيْرِ الرُّسُلِ مَسْدُودٌ إِلَّا عَمَّنِ اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ الْبَرْقُ]

[حَقِيقَةُ الْبَرْقِ]

فَصْلٌ الْبَرْقُ

وَمِنْ أَنْوَارِ " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " نُورُ الْبَرْقِ

الَّذِي يَبْدُو لِلْعَبْدِ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي طَرِيقِ الصَّادِقِينَ

وَهُوَ لَامِعٌ يَلْمَعُ لِقَلْبِهِ. يُشْبِهُ لَامِعَ الْبَرْقِ.

قَالَ صَاحِبُ الْمَنَازِلِ: الْبَرْقُ: بَاكُورَةٌ تَلْمَعُ لِلْعَبْدِ. فَتَدْعُوهُ إِلَى الدُّخُولِ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>