للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهُ إِشَارَتِهِ بِالْآيَةِ: أَنَّ النَّفَسَ يَكُونُ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْحَالِ، وَانْفِصَالِهِ عَنْ صَاحِبِهِ، فَشَبَّهَ الْحَالَ بِالشَّيْءِ الَّذِي يَأْخُذُ صَاحِبَهُ فَيَغُتُّهُ وَيَغُطُّهُ، حَتَّى إِذَا أَقْلَعَ عَنْهُ تَنَفَّسَ نَفَسًا يَسْتَرِيحُ بِهِ وَيَسْتَرْوِحُ.

قَالَ: وَيُسَمَّى النَّفَسُ: نَفَسًا، لِتَرَوُّحِ الْمُتَنَفِّسِ بِهِ

" التَّنْفِيسُ " هُوَ التَّرْوِيحُ، يُقَالُ: نَفَّسَ اللَّهُ عَنْكَ الْكَرْبَ؛ أَيْ: أَرَاحَكَ مِنْهُ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

وَهَذِهِ الْأَحْرُفُ الثَّلَاثَةُ وَهِيَ النُّونُ وَالْفَاءُ وَمَا يُثَلِّثُهُمَا تَدُلُّ حَيْثُ وُجِدَتْ عَلَى الْخُرُوجِ وَالِانْفِصَالِ، فَمِنْهُ النَّفَلُ؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الْأَصْلِ خَارِجٌ عَنْهُ، وَمِنْهُ: النَّفَرُ، وَالنَّفْيُ، وَالنَّفَسُ، وَنَفَقَتِ الدَّابَّةُ، وَنُفِسَتِ الْمَرْأَةُ وَنَفَسَتْ: إِذَا حَاضَتْ أَوْ وَلَدَتْ، فَالنَّفَسُ: خُرُوجٌ وَانْفِصَالٌ يَسْتَرِيحُ بِهِ الْمُتَنَفِّسُ.

قَالَ: وَهُوَ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ، وَهِيَ تُشَابِهُ دَرَجَاتِ الْوَقْتِ

وَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْأَوْقَاتَ تُعَدُّ بِالْأَنْفَاسِ كَدَرَجَاتِهَا.

وَأَيْضًا فَالْوَقْتُ، كَمَا قَالَ هُوَ: " حِينُ وَجْدٍ صَادِقٍ " فَقَيَّدَ الْحِينَ بِالْوَجْدِ، وَالْوَجْدُ بِالصِّدْقِ، وَقَالَ فِي هَذَا الْبَابِ: هُوَ نَفَسٌ فِي حِينِ اسْتِتَارٍ، فَقَيَّدَ النَّفَسَ بِالْحِينِ وَبِالْوَجْدِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>