للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: هُوَ عُكُوفُ الْقَلْبِ عَلَى مَحَبَّةِ النِّعَمِ، وَالْجَوَارِحِ عَلَى طَاعَتِهِ، وَجَرَيَانُ اللِّسَانِ بِذِكْرِهِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ.

وَقِيلَ: هُوَ مُشَاهَدَةُ الْمِنَّةِ. وَحِفْظُ الْحُرْمَةِ.

وَمَا أَلْطَفَ مَا قَالَ حَمْدُونُ الْقَصَّارُ: شُكْرُ النِّعْمَةِ أَنْ تَرَى نَفْسَكَ فِيهَا طُفَيْلِيًّا.

وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ: الشُّكْرُ مَعْرِفَةُ الْعَجْزِ عَنِ الشُّكْرِ.

وَقِيلَ: الشُّكْرُ إِضَافَةُ النِّعَمِ إِلَى مُولِيهَا بِنَعْتِ الِاسْتِكَانَةِ لَهُ.

وَقَالَ الْجُنَيْدُ: الشُّكْرُ أَنْ لَا تَرَى نَفْسَكَ أَهْلًا لِلنِّعْمَةِ.

هَذَا مَعْنَى قَوْلِ حَمْدُونَ أَنْ يَرَى نَفْسَهُ فِيهَا طُفَيْلِيًّا.

وَقَالَ رُوَيْمٌ: الشُّكْرُ اسْتِفْرَاغُ الطَّاقَةِ.

وَقَالَ الشِّبْلِيُّ: الشُّكْرُ رُؤْيَةُ الْمُنْعِمِ لَا رُؤْيَةُ النِّعْمَةِ.

قُلْتُ: يَحْتَمِلُ كَلَامُهُ أَمْرَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَفْنَى بِرُؤْيَةِ الْمُنْعِمِ عَنْ رُؤْيَةِ نِعَمِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ لَا تَحْجُبَهُ رُؤْيَةُ نِعَمِهِ وَمُشَاهَدَتُهَا عَنْ رُؤْيَةِ الْمُنْعِمِ بِهَا. وَهَذَا أَكْمَلُ. وَالْأَوَّلُ أَقْوَى عِنْدَهُمْ.

وَالْكَمَالُ: أَنْ تَشْهَدَ النِّعْمَةَ وَالْمُنْعِمَ. لِأَنَّ شُكْرَهُ بِحَسَبِ شُهُودِ النِّعْمَةِ. فَكُلَّمَا كَانَ أَتَمَّ كَانَ الشُّكْرُ أَكْمَلَ. وَاللَّهُ يُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ: أَنْ يَشْهَدَ نِعَمَهُ، وَيَعْتَرِفَ لَهُ بِهَا. وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ بِهَا. وَيُحِبُّهُ عَلَيْهَا. لَا أَنْ يَفْنَى عَنْهَا. وَيَغِيبَ عَنْ شُهُودِهَا.

وَقِيلَ: الشُّكْرُ قَيْدُ النِّعَمِ الْمَوْجُودَةِ، وَصَيْدُ النِّعَمِ الْمَفْقُودَةِ.

وَشُكْرُ الْعَامَّةِ: عَلَى الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ، وَقُوتِ الْأَبْدَانِ.

وَشُكْرُ الْخَاصَّةِ: عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ وَقُوتِ الْقُلُوبِ.

وَقَالَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَشْكُرُكَ؟ وَشُكْرِي لَكَ نِعْمَةٌ عَلَيَّ مِنْ عِنْدِكَ تَسْتَوْجِبُ بِهَا شُكْرًا. فَقَالَ: الْآنَ شَكَرْتَنِي يَا دَاوُدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>