للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل الباحث المتتبع يجد في أباة الضيم من يرى ما ذهب إليه عروة بن الورد حيث يقول:

فلا أترك الاخوان ما عشت للردى ... كما أنه لا يترك الماء شاربه

ولا يستضام الدهر جاري ولا أرى ... لمن بات تسري للصديق عقاربه

والظاهر أن الأحرار أهل الوفاء بالعهود طالما قطعوا على أنفسهم عهداً أن لا يتركوا إخوانهم, ولا يضام جيرانهم, ولا تهتك حرمات لإخوانهم وبنيهم ولهم عين تطرف أبداً {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (١) .

وفي الأمثال السائرة: "الحزم حفظ ما وليت وترك ما كفيت", وقيل: "عند النطاح يُغلب الكبش الأجم". (٢)

قال الشاعر:

رَأَيٌ سَرى وَعُيونُ الناسِ هاجِعَةٌ ... ما أَخَّرَ الحَزمَ رَأيٌ قَدَّمَ الحَذَرا (٣)

أما أبو الطيب المتنبي فهو يقول:

عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ ... وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ

وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها ... وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ

ويقول:

إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ ... فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ

فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ ... كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ


(١) - سورة الحج الآية (٤٠) .
(٢) - ورد المثل في التمثيل والمحاضرة , ومعجم كنوز الامثال.
(٣) - هذا البيت لأشجع السلمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>