للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القرى وغنَّمه الله عزوجل.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صعصعة، عن الحارث ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أُمِّ عِمَارَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجُرْفِ وَهُوَ يَقُولُ: " لَا تَطْرُقُوا النِّسَاءَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ " قَالَتْ: فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ فَطَرَقَ أَهْلَهُ فَوَجَدَ مَا يَكْرَهُ، فَخَلَّى سبيلها ولم يهجر، وضنَّ (١) بِزَوْجَتِهِ أَنْ يُفَارِقَهَا وَكَانَ لَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ وَكَانَ يُحِبُّهَا، فَعَصَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى ما يكره.

[فصل]

ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا افْتَتَحَ خَيْبَرَ عَامَلَ يَهُودَهَا عَلَيْهَا عَلَى شَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَرْعٍ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا من أموالها، وَفِي بَعْضِهَا وَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم " نقركم ما شئنا ".

وفي السنن: أَنَّهُ كَانَ يَبْعَثُ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ يَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ عِنْدَ اسْتِوَاءِ ثِمَارِهَا ثُمَّ يُضَمِّنُهُمْ إِيَّاهُ، فلمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بِمُؤْتَةَ بَعَثَ جَبَّارَ بْنَ صَخْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَمَوْضِعُ تَحْرِيرِ أَلْفَاظِهِ وَبَيَانِ طُرُقِهِ كِتَابُ المزارعة مِنْ كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بن إسحاق: سألت ابن شهاب كيف أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ خَيْبَرَ نَخْلَهُمْ؟ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ عَنْوَةً بَعْدَ الْقِتَالِ، وَكَانَتْ خَيْبَرُ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ

عَلَيْهِ، خَمَّسَهَا وَقَسَمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَنَزَلَ مَنْ نَزَلَ مِنْ أَهْلِهَا عَلَى الْجَلَاءِ بَعْدَ الْقِتَالِ، فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنْ شِئْتُمْ دَفَعْتُ إِلَيْكُمْ هَذِهِ الْأَمْوَالَ عَلَى أَنْ تَعْمَلُوهَا، وَتَكُونُ ثِمَارُهَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، فَأُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ " فَقَبِلُوا وَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ يَعْمَلُونَهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَيَقْسِمُ ثَمَرَهَا وَيَعْدِلُ عَلَيْهِمْ فِي الْخَرْصِ.

فَلَمَّا توفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّهَا أَبُو بَكْرٍ بِأَيْدِيهِمْ، عَلَى الْمُعَامَلَةِ الَّتِي عَامَلَهُمْ عَلَيْهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ، ثُمَّ أَقَرَّهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ، ثُمَّ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي قَبَضَهُ اللَّهُ فِيهِ " لَا يَجْتَمِعَنَّ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ " فَفَحَصَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ، حَتَّى بَلَغَهُ الثَّبَتُ، فَأَرْسَلَ إِلَى يَهُودَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِي فِي إِجْلَائِكُمْ.

وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَجْتَمِعَنَّ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ " فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلْيَأْتِنِي بِهِ، أُنْفِذْهُ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عَهْدٌ فَلْيَتَجَهَّزْ لِلْجَلَاءِ، فَأَجْلَى عُمَرُ مِنْ لم يكن عنده عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، [منهم] (٢) .

قُلْتُ: قَدِ ادَّعَى يَهُودُ خَيْبَرَ فِي أَزْمَانٍ متأخرة بعد الثلثمائة أَنَّ بِأَيْدِيهِمْ كِتَابًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


(١) العبارة في الواقدي: فخلى سبيله ولم يهجه.
(٢) من سيرة ابن هشام ج ٣ / ٣٧١.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>