للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ أَنَّهُ وَضَعَ الْجِزْيَةَ عَنْهُمْ، وَقَدِ اغْتَرَّ بِهَذَا الْكِتَابِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ حَتَّى قَالَ بِإِسْقَاطِ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ، مِنَ الشَّافِعِيَّةِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ بن خَيْرُونَ وَهُوَ كِتَابٌ مُزَوَّرٌ مَكْذُوبٌ مُفْتَعَلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَقَدْ بَيَّنْتُ بُطْلَانَهُ مِنْ وُجُوهٍ عَدِيدَةٍ فِي كِتَابٍ مُفْرَدٍ، وَقَدْ تَعَرَّضَ لِذِكْرِهِ وَإِبْطَالِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَصْحَابِ فِي كُتُبِهِمْ كَابْنِ الصباغ في مسائله، وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ فِي تَعْلِيقَتِهِ، وَصَنَّفَ فِيهِ ابْنُ الْمُسْلِمَةِ جُزْءًا مُنْفَرِدًا لِلرَّدِّ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَحَرَّكُوا بِهِ بَعْدَ السَّبْعِمِائَةِ وَأَظْهَرُوا كِتَابًا فِيهِ نُسْخَةُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي كُتُبِهِمْ، وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ مَكْذُوبٌ، فَإِنَّ فِيهِ شَهَادَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَقَدْ كَانَ مَاتَ قَبْلَ زَمَنِ خَيْبَرَ، وَفِيهِ شَهَادَةُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ يَوْمَئِذٍ، وَفِي آخره وكتبه علي بن أبو طَالِبٍ وَهَذَا لَحْنٌ وَخَطَأٌ، وَفِيهِ وَضْعُ الْجِزْيَةِ وَلَمْ تَكُنْ شُرِعَتْ بَعْدُ، فَإِنَّهَا إِنَّمَا شُرِعَتْ أول ما شرعت وأخذ مِنْ أَهْلِ

نَجْرَانَ.

وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ وَفَدُوا فِي حُدُودِ سَنَةِ تِسْعٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَرَجْتُ أنا والزبير ابن الْعَوَّامِ وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ إِلَى أَمْوَالِنَا بِخَيْبَرَ نَتَعَاهَدُهَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَفَرَّقْنَا فِي أَمْوَالِنَا، قَالَ: فَعُدِيَ عليَّ تَحْتَ اللَّيْلِ، وَأَنَا نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِي فَفُدِعَتْ يَدَايَ مِنْ مِرْفَقَيَّ، فَلَمَّا اسْتَصْرَخْتُ عليَّ صاحباي فَأَتَيَانِي فَسَأَلَانِي: مَنْ صَنَعَ هَذَا بِكَ؟ فَقُلْتُ لَا أَدْرِي، فَأَصْلَحَا مِنْ يَدِي ثُمَّ قَدِمَا بِي عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ هَذَا عَمَلُ يَهُودَ خيبر.

ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّا نُخْرِجُهُمْ إِذَا شِئْنَا، وَقَدْ عَدَوْا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَفَدَعُوا يَدَيْهِ كَمَا بَلَغَكُمْ مَعَ عَدْوَتِهِمْ (١) عَلَى الْأَنْصَارِيِّ قَبْلَهُ، لَا نَشُكُّ أَنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَهُ، لَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرُهُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ مِنْ خَيْبَرَ فَلْيَلْحَقْ بِهِ، فَإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ فَأَخْرَجَهُمْ.

قُلْتُ: كَانَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَهْمُهُ الَّذِي بِخَيْبَرَ وَقَدْ كَانَ وَقَفَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَشَرَطَ فِي الْوَقْفِ مَا أَشَارَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ النَّظَرَ فِيهِ للأرشد فالأرشد من بناته وبنيه.

قال الحافظ البيهقي في الدلائل: جماع أبو اب السَّرَايَا الَّتِي تُذْكَرُ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ وَقَبْلَ عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ وَإِنْ كَانَ تَارِيخُ بَعْضِهَا لَيْسَ بِالْوَاضِحِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَغَازِي.

سَرِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا بَهْزٌ ثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ وأمَّره رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَغَزَوْنَا بَنِيَ فَزَارَةَ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَاءِ أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فعرَّسنا، فَلَمَّا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَشَنَنَّا الْغَارَةَ فَقَتَلْنَا عَلَى الماء من مر


(١) في ابن هشام: عدوهم.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>