للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَادَ تَأْلِيفَهُمْ بِذَلِكَ فَأَبَوْا عَلَيْهِ، وَقَالُوا بَلِ اخْرُجْ عَنَّا، فَخَرَجَ وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمُوا بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا: لَا نُقِرُّ بِهَذَا لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ " أَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ " ثُمَّ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ " امْحُ رَسُولَ اللَّهِ " قَالَ لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: لا يدخل مكة [السلاح] (١) إِلَّا السَّيْفَ فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا أَرَادَ أَنْ يقيم بها، فلما دخل وَمَضَى الْأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ فليخرج (٢) عَنَّا فَقَدْ مَضَى الْأَجَلُ، فَخَرَجَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ تُنَادِي: يَا عَمُّ يَا عَمُّ، فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ، فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَالَ لِفَاطِمَةَ دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ، فَحَمَلَتْهَا

فاختصم فيها وعلي وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَخَذْتُهَا وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي، وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي فَقَضَى بِهَا النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا.

وَقَالَ " الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ " وَقَالَ لِعَلِيٍّ " أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ " وَقَالَ لِجَعْفَرٍ " أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي " وَقَالَ لِزَيْدٍ " أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا " (٣) قَالَ عَلِيٌّ أَلَا تَتَزَوَّجُ ابْنَةَ حَمْزَةَ، قَالَ " إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضاعة ".

تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ رَوَى الْوَاقِدِيُّ قِصَّةَ ابْنَةِ حَمْزَةَ فَقَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عُمَارَةَ ابْنَةَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأُمَّهَا سَلْمَى بِنْتُ عُمَيْسٍ كَانَتْ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: عَلَامَ نَتْرُكُ ابْنَةَ عَمِّنَا يَتِيمَةً بَيْنَ ظَهَرَانَيِ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمْ يَنْهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم عَنْ إِخْرَاجِهَا، فَخَرَجَ بِهَا فَتَكَلَّمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَكَانَ وَصِيَّ حَمْزَةَ، وَكَانَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ آخَى بَيْنَهُمَا حِينَ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ أَنَا أَحَقُّ بِهَا ابْنَةُ أَخِي، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ جَعْفَرٌ قَالَ: الْخَالَةُ وَالِدَةٌ، وَأَنَا أَحَقُّ بِهَا لِمَكَانِ خَالَتِهَا عِنْدِي أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَقَالَ عَلِيٌّ: أَلَا أَرَاكُمْ تَخْتَصِمُونَ هِيَ ابْنَةُ عَمِّي وَأَنَا أَخْرَجْتُهَا مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَيْهَا سَبَبٌ (٤) دُونِي، وَأَنَا أَحَقُّ بِهَا مِنْكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَا أَحْكُمُ بَيْنَكُمْ، أَمَّا أَنْتَ يَا زَيْدُ فَمَوْلَى اللَّهِ وَمَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ، [وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فأخي


= وحويطب بن عبد العزى.. (١) من البخاري.
(٢) من البخاري، وفي الاصل: اخرج.
(٣) أخرجه البخاري في ٦٤ كتاب المغازي (٤٣) باب عمرة القضاء، الحديث (٤٢٥١) فتح الباري (٧ / ٤٩٩) ، وابنة حمزة اسمها: عمارة بنت حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأُمَّهَا سَلْمَى بِنْتُ عميس.
(٤) في الواقدي: نسب.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>