للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْتَضِي أَنَّ خُرُوجَ الْأُمَرَاءِ إِلَى مُؤْتَةَ كَانَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ إسحاق: ثم مضوا حتى نزلوا معاناً مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، فَبَلَغَ النَّاسَ أَنَّ هِرَقْلَ قَدْ نَزَلَ مَآبَ، مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ فِي مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الرُّومِ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامٍ وَالْقَيْنِ وَبَهْرَاءَ وَبَلِيٍّ مِائَةُ أَلْفٍ مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنَ بَلِيٍّ، ثُمَّ أَحَدُ أراشة يقال له مالك بن رافلة، وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَبَلَغَهُمْ أَنَّ هِرَقْلَ نَزَلَ بِمَآبَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ من الروم ومائة ألف من المستعربة، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ أَقَامُوا عَلَى مَعَانٍ لَيْلَتَيْنِ يَنْظُرُونَ فِي أَمْرِهِمْ، وَقَالُوا: نَكْتُبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخْبِرُهُ بِعَدَدِ عَدُّونَا، فَإِمَّا أَنْ يَمُدَّنَا بِالرِّجَالِ، وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَنَا بِأَمْرِهِ، فَنَمْضِيَ لَهُ، قَالَ: فَشَجَّعَ النَّاسَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَقَالَ: يَا قَوْمِ، وَاللَّهِ إِنَّ الَّتِي تَكْرَهُونَ لَلَّتِي خَرَجْتُمْ تَطْلُبُونَ الشَّهَادَةُ، وَمَا نُقَاتِلُ النَّاسَ بِعَدَدٍ وَلَا قُوَّةٍ وَلَا كَثْرَةٍ، مَا نُقَاتِلُهُمْ إِلَّا بِهَذَا الدِّينِ الَّذِي أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِهِ، فَانْطَلِقُوا فَإِنَّمَا هِيَ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، إِمَّا ظُهُورٌ وَإِمَّا شَهَادَةٌ، قَالَ فَقَالَ النَّاس: قَدْ وَاللَّهِ صَدَقَ ابْنُ رَوَاحَةَ، فَمَضَى النَّاسُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فِي مَحْبِسِهِمْ ذَلِكَ: جَلَبْنَا الْخَيْلَ مِنْ أجأ وفرع * تعر مِنَ الْحَشِيشِ لَهَا الْعُكُومُ (١) حَذَوْنَاهَا مِنَ الصَّوَّانِ سِبْتًا * أَزَلَّ كَأَنَّ صَفْحَتَهُ أَدِيمُ (٢) أَقَامَتْ لَيْلَتَيْنِ عَلَى مَعَانٍ * فَأُعْقِبَ بَعْدَ فَتْرَتِهَا جُمُومُ (٣) فَرُحْنَا والجياد مسومات * تنفس في مناخرها سموم فَلَا وَأَبِي مَآبَ لَنَأْتِيَنْهَا * وَإِنْ كَانَتْ بِهَا عَرَبٌ وَرُومُ فَعَبَّأْنَا أَعِنَّتَهَا فَجَاءَتْ * عَوَابِسَ وَالْغُبَارُ لها يريم (٤) بِذِي لَجَبٍ كَأَنَّ الْبِيضَ فِيهِ * إِذَا بَرَزَتْ قَوَانِسُهَا النُّجُومُ فَرَاضِيَةُ الْمَعِيشَةِ طَلَّقَتْهَا * أَسِنَّتُنَا (٥) فَتَنْكِحُ أَوْ تَئِيمُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ يَتِيمًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فِي حِجْرِهِ، فَخَرَجَ بِي فِي سَفَرِهِ ذَلِكَ مُرْدِفِي عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ، فوالله إنه ليسير ليلتئذ سمعته وهو ينشد أبياته هذه: إذا أدنيتني وحملت رحلي * مسيرة أربع بعد الحساء


(١) من ابن هشام.
وفي الاصل: إلى العكوم.
أجأ: أحد جبلي طيئ.
فرع: موضع.
قال ياقوت: أطول جبل بأجأ وأوسطه.
(٢) سبت: النعال التي تصنع من الجلود المدبوغة.
(٣) الفترة: الضعف والسكون.
والجموم: اجتماع القوة والنشاط.
(٤) بريم: كل ما فيه لونان مختلطان فهو بريم.
(٥) في ابن هشام: أسنتها.
تئيم: التي تبقى دون زوج، آمت المرأة: إذا لم تتزوج.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>