للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ لَمْ تَدَارَكْهَا نَعْمَاءُ تَنْشُرُهَا * يَا أَرْجَحَ النَّاسِ حِلْمًا (١) حِينَ يُخْتَبَرُ امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا * إِذْ فُوكَ تَمْلَؤُهُ مِنْ مخضها الدِّرَرُ (٢) امْنُنْ عَلَى نِسْوةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا * وَإِذْ يزنيك مَا تَأْتِي وَمَا تَذَرُ (٣) لَا تَجْعَلَنَّا كَمَنْ شَالَتْ نَعَامَتُهُ (٤) * وَاسْتَبْقِ مِنَّا فَإِنَّا مَعْشَرٌ زُهُرُ إِنَّا لَنَشْكُرُ آلَاءً وَإِنْ كُفِرَتْ * وَعِنْدَنَا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ مُدَّخَرُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نِسَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ أَمْ أَمْوَالُكُمْ؟ " فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ خَيَّرْتَنَا بَيْنَ أَحِسَابِنَا وَأَمْوَالِنَا؟ بَلْ أَبْنَاؤُنَا وَنِسَاؤُنَا أَحَبُّ إِلَيْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَّا مَا كَانَ لِيَ وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ، وَإِذَا أَنَا صَلَّيْتُ بِالنَّاسِ فَقُومُوا فَقُولُوا إِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَبِالْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبْنَائِنَا وَنِسَائِنَا فَإِنِّي سَأُعْطِيكُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَسْأَلُ لَكُمْ " فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ الظَّهْرَ، قَامُوا فَقَالُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال " أَمَّا مَا كَانَ لِيَ وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ " فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: وَمَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: وَمَا كَانَ لَنَا، فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو تَمِيمٍ فَلَا، وَقَالَ عُيَيْنَةُ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو فَزَارَةَ فَلَا، وَقَالَ العبَّاس بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو سُلَيْمٍ فَلَا، فَقَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ: بَلْ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

قَالَ: يَقُولُ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ لِبَنِي سُلَيْمٍ: وَهَّنْتُمُونِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ أَمْسَكَ مِنْكُمْ بحقه، فله بكل إنسان ستة فرائض، من أول فئ نُصِيبُهُ " فَرَدُّوا إِلَى النَّاسِ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ.

ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتَّبَعَهُ النَّاسُ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْسِمْ عَلَيْنَا فَيْئَنَا، حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى شَجَرَةٍ فَانْتَزَعَتْ رداءه فقال " أَيُّهَا النَّاسُ رَدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي فَوَالَّذِي نَفْسِي فِي يَدِهِ لَوْ كَانَ لَكُمْ عِنْدِي عَدَدُ شَجَرِ تِهَامَةَ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ عَلَيْكُمْ ثُمَّ مَا أَلْفَيْتُمُونِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا " ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبِ بِعِيرٍ فَأَخَذَ مِنْ سَنَامِهِ وَبَرَةً فجعلها بين إصبعيه ثم رفعها فقال " أيها الناس والله مالي مِنْ فَيْئِكُمْ وَلَا هَذِهِ الْوَبَرَةِ إِلَّا الْخُمْسُ، وَالْخُمْسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ فَأَدَّوُا الْخِيَاطَ وَالْمَخِيطَ فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِكُبَّةٍ مِنْ خُيُوطِ شَعَرٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذْتُ هَذِهِ لِأَخِيطَ بِهَا بَرْذَعَةَ بَعِيرٍ لِي دَبِرٍ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


(١) في الواقدي: حتى.
(٢) في الواقدي: إذ فوك مملوءة من محضها الدرر، والمحض: الدفعات الكثيرة من اللبن.
(٣) البيت في الواقدي: اللائي إذ كنت طفلا كُنْتَ تَرْضَعُهَا * وَإِذْ يَزِينُكَ مَا تَأْتِي وَمَا تذر وصدره في السهيلي: إذ كنت طفلا صغيرا كنت ترضعها.
(٤) شالت نعامته: أي تفرقت كلمتهم، أو ذهب عزهم (القاموس) (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>