للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سنة عشر من الهجرة]

باب بعث رسول الله خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ أَوْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ عَشْرٍ إِلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ بِنَجْرَانَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ، ثَلَاثًا فَإِنِ اسْتَجَابُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَقَاتِلْهُمْ.

فَخَرَجَ خَالِدٌ حتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَبَعَثَ الرُّكبان يَضْرِبُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَيَدْعُونَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيَقُولُونَ: أَيُّهَا النَّاس: أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، فَأَسْلَمَ النَّاس وَدَخَلُوا فِيمَا دُعُوا إِلَيْهِ، فَأَقَامَ فِيهِمْ خَالِدٌ يُعَلِّمُهُمُ الْإِسْلَامَ وَكِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ إِنْ هُمْ أَسْلَمُوا وَلَمْ يُقَاتِلُوا.

ثُمَّ كَتَبَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لمحمد النَّبيّ رسول الله مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: السَّلام عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: أَمَّا بَعْدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، فَإِنَّكَ بَعَثْتَنِي إِلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، وَأَمَرْتَنِي إِذَا أَتَيْتُهُمْ أَنْ لَا أُقَاتِلَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَنْ أَدْعُوَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أسلموا [أقمت بهم و] (١) قَبِلْتُ مِنْهُمْ، وَعَلَّمْتُهُمْ مَعَالِمَ الْإِسْلَامِ وَكِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا قَاتَلْتُهُمْ، وَإِنِّي قَدِمْتُ عَلَيْهِمْ فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كما أمرني رسول، وَبَعَثْتُ فِيهِمْ رُكْبَانًا: [قَالُوا] (٢) يَا بَنِي الْحَارِثِ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا فَأَسْلَمُوا وَلَمْ يُقَاتِلُوا، وَأَنَا مُقِيمٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ آمُرُهُمْ بِمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَأَنْهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ وَأُعَلِّمُهُمْ مَعَالِمَ

الْإِسْلَامِ وَسُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يَكْتُبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم والسَّلام عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبيّ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ كِتَابَكَ جَاءَنِي مَعَ رَسُولِكَ يخبر أَنَّ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ قَدْ أَسْلَمُوا قَبْلَ أَنْ تُقَاتِلَهُمْ، وَأَجَابُوا إِلَى مَا دَعَوْتَهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَشَهِدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا عبده وَرَسُولُهُ، وَأَنْ قَدْ هَدَاهُمُ اللَّهُ بِهُدَاهُ، فَبَشِّرْهُمْ وَأَنْذِرْهُمْ، وَأَقْبِلْ، وَلْيُقْبِلْ مَعَكَ وَفْدُهُمْ، والسَّلام عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ".

فَأَقْبَلَ خَالِدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْبَلَ مَعَهُ وَفْدُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، مِنْهُمْ قَيْسُ بن الحصين ذو الْغُصَّةِ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَدَانِ، وَيَزِيدُ بْنُ الْمُحَجَّلِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُرَادٍ (٣) الزِّيَادِيُّ، وَشَدَّادُ بْنُ عُبَيْدِ (٤) اللَّهِ الْقَنَانِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الضِّبَابِيُّ (٥) .

فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


(١) من ابن هشام.
(٢) من ابن هشام.
(٣) قوله: قراد، وفي الطبري قريظ، وفي الاصابة: قداد، وفي أسد الغابة: قداذ.
(٤) في ابن هشام والطبري: عبد الله.
(٥) الضبابي: بكسر الضاد، قال السهيلي: وبالفتح في نسب النابغة الذبياني، وبالضم: في بني بكر.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>