للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استطاع إليه سببلا.

وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: ٩٦ - ٩٧] وقال تَعَالَى (وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ.

قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً.

قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ.

وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ.

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ.

وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ

رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً منهم يتلوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الْبَقَرَةِ: ١٢٤ - ١٢٦] .

يَذْكُرُ تَعَالَى عَنْ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَصَفِيِّهِ وخليله، إمام الحنفاء ووالد الأنبياء [إبراهيم] عَلَيْهِ أَفْضَلُ صَلَاةٍ وَتَسْلِيمٍ أَنَّهُ بَنَى الْبَيْتَ الْعَتِيقَ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ مَسْجِدٍ وُضِعَ لِعُمُومِ النَّاسِ يَعْبُدُونَ اللَّهَ فِيهِ وَبَوَّأَهُ اللَّهُ مَكَانَهُ أَيْ أَرْشَدَهُ إِلَيْهِ وَدَلَّهُ عَلَيْهِ * وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ أُرْشِدَ إِلَيْهِ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ عزوجل.

وقد قدَّمنا في صفة خلق السموات أَنَّ الْكَعْبَةَ بِحِيَالِ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ بِحَيْثُ أَنَّهُ لو سقط لسقط عليها وكذلك معابد السموات السَّبْعِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ إِنَّ فِي كُلِّ سَمَاءٍ بَيْتًا يَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ أَهْلُ كُلِّ سَمَاءٍ وَهُوَ فِيهَا كَالْكَعْبَةِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا يَكُونُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ كَتِلْكَ المعابد لملائكة السموات وَأَرْشَدَهُ اللَّهُ إِلَى مَكَانِ الْبَيْتِ الْمُهَيَّأِ لَهُ المعين لذلك منذ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (١) : " إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ".

وَلَمْ يَجِئْ فِي خَبَرٍ صَحِيحٍ عَنْ مَعْصُومٍ أَنَّ الْبَيْتَ كَانَ مَبْنِيًّا قَبْلَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ * وَمَنْ تَمَسَّكَ فِي هَذَا بِقَوْلِهِ مكان البيت فَلَيْسَ بِنَاهِضٍ وَلَا ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَكَانُهُ المقدر في علم الله المقرر في قدرته الْمُعَظَّمُ عِنْدَ الْأَنْبِيَاءِ مَوْضِعُهُ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى زَمَانِ إِبْرَاهِيمَ * وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ آدَمَ نَصَبَ عَلَيْهِ قُبَّةً وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالُوا لَهُ: قَدْ طُفْنَا قَبْلَكَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَأَنَّ السَّفِينَةَ طَافَتْ بِهِ أَرْبَعِينَ (٢) يَوْمًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَكِنْ كُلُّ هَذِهِ الْأَخْبَارِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ * وَقَدْ قَرَّرْنَا أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ وَلَا تُكَذَّبُ فَلَا يُحْتَجُّ بِهَا فَأَمَّا إِنْ رَدَّهَا الْحَقُّ فَهِيَ مَرْدُودَةٌ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) [آل عمران: ٩٦] أَيْ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِعُمُومِ النَّاسِ لِلْبَرَكَةِ وَالْهُدَى الْبَيْتُ الَّذِي بِبَكَّةَ * قيل مكة وقيل محل الْكَعْبَةِ (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ) [آل عمران - ٩٧] أَيْ عَلَى أَنَّهُ بِنَاءُ الْخَلِيلِ وَالِدِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بعده


(١) مسلم في ١٥ كتاب الحج ٨١ - ٨٢ تحريم مكة ح ٤٤٥ / ١٣٥٣ ص ٢ / ٩٨٦ من طريق مجاهد عن طاوس عن ابن عباس.
والبخاري حديث رقم ٧١٠.
(٢) في الطبري: أسبوعا.
وفي تاريخ مكة للازرقي فكالاصل.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>