للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ، وإنَّه قَدْ رَآنِي وَأَنَا شابَّة، فَسُلِّمَتْ إِلَيْهِ فَلَمَّا خَلَا بِهَا قَالَتْ: مَا تُرِيدُ إلى امرأة بنت ثَمَانِينَ سَنَةً؟ وَأَنَا أَفْتَدِي مِنْكَ فَاحْكُمْ بِمَا أَرَدْتَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَفْدِيكِ بأقلَّ مِنْ عشرة مِائَةٍ فَاسْتَكْثَرَتْهَا خَدِيعَةً مِنْهَا، ثمَّ أَتَتْ قَوْمَهَا فَأَحْضَرُوا لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلَامَهُ النَّاس وَقَالُوا: لَوْ طَلَبْتَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ لَدَفَعُوهَا إِلَيْكَ، فَقَالَ: وَهَلْ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْ عَشْرِ مِائَةٍ؟ وَذَهَبَ إِلَى خَالِدٍ وَقَالَ: إنَّما أَرَدْتُ أَكْثَرَ الْعَدَدِ، فَقَالَ خَالِدٌ: أَرَدْتَ أَمْرًا وَأَرَادَ اللَّهُ غَيْرَهُ، وإنَّا نَحْكُمُ بِظَاهِرِ قَوْلِكَ، ونيَّتك عند الله، كاذباً أنت أَمْ صَادِقًا * وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الشِّعبيّ: لمَّا افْتَتَحَ خَالِدٌ الْحِيرَةَ صلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، وقد قال عمرو بن القعقاع فِي هَذِهِ الأيَّام وَمَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِهَا وأيَّام الرِّدَّة: سَقَى اللهُ قَتْلَى بالفُراتِ مُقيمَةٌ * وَأخْرى بأثباجِ النَجافِ (١) الكوانفِ ونحنُ وطئنَا بالكَواظِمِ هِرْمِزاً * وبالثَنى قَرني قارنٍ بالجوارفِ ويَومَ أحَطْنَا بالقُصورِ تتَابَعَتْ * عَلى الحيرةِ الرَّوحاءَ إِحْدَى المَصَارِفِ حَطَطْنَاهُمْ مِنهَا وقدْ كَانَ عَرْشُهُمْ * يميلُ بهمْ (٢) فِعْلَ الجبَانِ المُخَالِفِ رَمَيْنَا (٣) عَليهِمْ بالقُبولَ وقَدْ رَأَوا * غُبوقَ المنايَا حَولَ تِلْكَ المحَارِفِ (٤)

صَبيحَةَ قَالُوا نحنُ قومٌ تنزَّلُوا * إِلَى الرِّيفِ مِنْ أرضِ العَرِيبِ المَقَانِفِ وَقَدْ قَدِمَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَهُوَ بِالْحِيرَةِ بَعْدَ الْوَقَعَاتِ المتعدِّدة، وَالْغَنَائِمِ المتقدِّم ذِكْرُهَا، وَلَمْ يَحْضُرْ شَيْئًا مِنْهَا، وَذَلِكَ لأنَّه كَانَ قَدْ بَعَثَهُ الصِّديق مَعَ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ إِلَى الشَّام، فَاسْتَأْذَنَ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ فِي الرُّجوع إِلَى الصِّديق لِيَجْمَعَ لَهُ قَوْمَهُ مِنْ بَجِيلَةَ فَيَكُونُوا مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى الصِّديق فَسَأَلَهُ ذَلِكَ غَضِبَ الصِّديق وَقَالَ: أَتَيْتَنِي لِتَشْغَلَنِي عمَّا هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنَ الَّذِي تَدْعُونِي إِلَيْهِ، ثمَّ سيَّره الصِّديق إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بِالْعِرَاقِ * قَالَ سَيْفٌ بِأَسَانِيدِهِ: ثمَّ جَاءَ ابْنُ صَلُوبَا فَصَالَحَ خالداً على بانقيا وبسما وَمَا حَوْلَ ذَلِكَ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِينَارٍ، وَجَاءَهُ دَهَاقِينُ تِلْكَ الْبِلَادِ فَصَالَحُوهُ عَلَى بُلْدَانِهِمْ وأهاليهم كما صالح أهل الْحِيرَةِ، واتَّفق فِي تِلْكَ الأيَّام الَّتِي كَانَ قَدْ تمكَّن بِأَطْرَافِ الْعِرَاقِ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى الْحِيرَةِ وَتِلْكَ الْبُلْدَانِ وَأَوْقَعَ بِأَهْلِ أُلَّيْسٍ وَالثِّنْيِ وَمَا بعدها بفارس ومن ناشب مَعَهُمْ مَا أَوْقَعَ مِنَ الْقَتْلِ الْفَظِيعِ فِي فُرْسَانِهِمْ، أَنْ عَدَتْ فَارِسُ عَلَى مَلِكِهِمُ الْأَكْبَرِ أردشير وابنه شيرين فقتلوهما وقتلوا كل من ينسب إليهما، وبقيت الفرس حائرين فيمن يولُّوه أَمْرَهُمْ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، غَيْرَ أنَّهم قَدْ جهَّزوا جُيُوشًا تَكُونُ حَائِلَةً بَيْنَ خَالِدٍ وَبَيْنَ الْمَدَائِنِ الَّتِي فِيهَا إِيوَانُ كِسْرَى وَسَرِيرُ مَمْلَكَتِهِ، فَحِينَئِذٍ كَتَبَ خَالِدٌ إِلَى مَنْ هُنَالِكَ مِنَ المرازبة


(١) في غزوات ابن حبيش: بأثباج الشام.
(٢) في الطبري: يميل به، وفي غزوات ابن حبيش: تميل به.
(٣) في ابن حبيش: مننا.
(٤) في غزوات ابن حبيش: المخارف.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>