للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّيْلَمِ مُوتَا وَتَمَزَّقَ شَمْلُهُمْ، وَانْهَزَمُوا بِأَجْمَعِهِمْ، بَعْدَ مَنْ قُتِلَ بِالْمَعْرَكَةِ مِنْهُمْ، فَكَانَ نُعَيْمُ بْنُ مُقَرِّنٍ أَوَّلَ مَنْ قَاتَلَ الدَّيْلَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

وَقَدْ كَانَ نُعَيْمٌ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ يُعْلِمُهُ بِاجْتِمَاعِهِمْ فَهَمَّهُ ذَلِكَ وَاغْتَمَّ لَهُ.

فَلَمْ يَفْجَأْهُ إِلَّا الْبَرِيدُ بِالْبِشَارَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَأَمَرَ بِالْكِتَابِ فَقُرِئَ عَلَى النَّاسِ، فَفَرِحُوا وَحَمِدُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.

ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ بِالْأَخْمَاسِ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَهُمْ سمِاك بْنُ خَرَشة، ويعرف بِأَبِي دُجَانَةَ، وَسِمَاكُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسِمَاكُ بْنُ مَخْرَمَةَ.

فَلَمَّا اسْتَسْمَاهُمْ عُمَرُ قَالَ: اللَّهُمَّ اسْمُكْ بِهِمُ الْإِسْلَامَ، وَأَمِدَّ بِهِمُ الْإِسْلَامَ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى نُعَيْمِ بْنِ مُقَرِّنٍ بِأَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَى هَمَذَانَ وَيَسِيرَ إِلَى الرَّيِّ فَامْتَثَلَ نُعَيْمٌ.

وَقَدْ قَالَ نُعَيْمٌ فِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ:

وَلَمَّا أَتَانِي أَنَّ مُوتَا وَرَهْطَهُ * بَنِي بَاسِلٍ جَرُّوا جُنُودَ الأعاجمِ نَهَضْتُ إِلَيْهِمْ بِالْجُنُودِ مُسَامِيًا * لِأَمْنَعَ مِنْهُمْ ذِمَّتِي بالقواصمِ فَجِئْنَا إِلَيْهِمْ بِالْحَدِيدِ كَأَنَّنَا * جِبَالٌ تَرَاءَى مِنْ فُرُوعِ القلاسمِ (١) فَلَمَّا لَقِينَاهُمْ بِهَا مُسْتَفِيضَةً * وَقَدْ جَعَلُوا يَسْمَوْنَ فِعْلَ المساهمِ صَدَمْنَاهُمُ فِي وَاجِ رَوْذَ بِجَمْعِنَا * غَدَاةَ رَمَيْنَاهُمْ بِإِحْدَى العظائمِ فَمَا صَبَرُوا فِي حَوْمَةِ الْمَوْتِ سَاعَةً * لِحَدِّ الرِّمَاحِ وَالسُّيُوفِ الصوارمِ كَأَنَّهُمْ عِنْدَ انْبِثَاثِ جموعهم * جدار تشظى لَبْنُهُ للهادمِ أَصَبْنَا بِهَا مُوتَا وَمَنْ لَفَّ جَمْعَهُ * وَفِيهَا نِهَابٌ قَسْمُهُ غَيْرُ عاتمِ تَبِعْنَاهُمُ حَتَّى أَوَوْا فِي شِعَابِهِمْ * فَنَقْتُلُهُمْ قَتْلَ الْكِلَابِ الجواحمِ (٢) كَأَنَّهُمْ فِي وَاجِ رَوْذَ وَجَوِّهِ * ضَئِينٌ أَصَابَتْهَا فُرُوجُ المخارمِ (٣) فَتْحُ الرَّيِّ اسْتَخْلَفَ نُعَيْمُ بْنُ مُقَرِّنٍ عَلَى هَمَذَانَ يَزِيدَ بْنَ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيَّ وَسَارَ بِالْجُيُوشِ حَتَّى لَحِقَ بِالرَّيِّ فَلَقِيَ هُنَاكَ جَمْعًا كثيراً من المشركين (٤) فَاقْتَتَلُوا عِنْدَ سَفْحِ جَبَلِ الرَّيِّ فَصَبَرُوا صَبْرًا عَظِيمًا ثُمَّ انْهَزَمُوا فَقَتَلَ مِنْهُمْ نُعَيْمُ بْنُ مُقَرِّنٍ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً بِحَيْثُ عُدُّوا بِالْقَصَبِ فِيهَا، وَغَنِمُوا مِنْهُمْ غَنِيمَةً عَظِيمَةً قَرِيبًا مِمَّا غَنِمَ المسلمون من المدائن.

وصالح أَبُو الْفَرُّخَانِ عَلَى الرَّيِّ، وَكَتَبَ لَهُ أَمَانًا بِذَلِكَ، ثُمَّ كَتَبَ نُعَيْمٌ (٥) إِلَى عُمَرَ بِالْفَتْحِ ثم بالأخماس ولله الحمد والمنة.


(١) القلاسم: اسم موضع.
(٢) الجواحم: الكلاب المصابة بداء في عينها أو في رأسها.
(٣) ضئين: الغنم.
(٤) من أهل نهاوند وطبرستان وقومس وجرجان وعليهم ملك الري سياوخش بن مهران بن بهرام شوبين، وذكره ابن الاعثم: فرخنداد بن يزدامر الاكبر.
(٥) اختلف المؤرخون في فتح الري، قيل إن فتحها كان على يد نعيم بن مقرن، وقيل على يد قرظة بن كعب وقيل (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>